الوقفات التدبرية

آية (٣٤) : (وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ...

آية (٣٤) : ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ * قال سبحانه ﴿إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ﴾ يعني مع إرادتي واهتمامي بالنصح لأن أحياناً أحدهم ينصح الآخر وهو لا يريد أن ينصحه، وأحياناً هو يريد النصح فيبالغ في النصح ويهتم به. * ﴿إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ﴾ يبين أن هذا أمر عظيم يعرفون ربنا سبحانه وتعالى ما هي قدرته فمجرد إرادة الله الإغواء - لم يقل إن كان الله أغواكم - النصح لا ينفع مع إرادتي النصح وشدة رغبتي والحرص عليه مهما أفعل لا ينفع. * هنا قال ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي﴾ وفي الأعراف قال ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ : السياقان مختلفان، في الأعراف المقام في بدء الدعوة (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ (٦٢)) هو ذكر أنه ينصح لهم، ففي أول الدعوة ينبغي أن يذكر مهمته، ينصح لهم ويدعوهم ويعلمهم ويرشدهم، في هود في مقام الجدال بعد تطاول الزمن جادلهم فأكثر جدالهم وقالوا فائنا بما تعدنا فقال لهم لا ينفعكم نصحي. * ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ حصرًا ليس لكم رب غيره. * هو الآن ذكر أمرين توحيد الألوهية ﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ﴾ وتوحيد الربوبية ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾. * ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ حصرًا لا إلى غيره، (وترجعون إليه) فيها رجوع إلى الله لكن ليس فيه حصر، يمكن ترجع إلى غيره، فإذن ما اتخذتم من دونه من أرباب وما إلى ذلك هذا ليس شيئاً ولن يغني عنكم من الله شيئاً. * قال ﴿إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ للذين ازدروهم وهنا قال ﴿هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ لم يقل وتلاقوا ربكم أيضاً، اختلف التعبير: الملاحظ في القرآن أنه يستعمل ﴿مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ ونحو هذا التعبير في المؤمنين فقط واستعمله مرة واحدة في عموم الإنسان ولم يستعمله للكافرين، في جنود طالوت ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ربنا خاطب المؤمنين ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وخاطب الإنسان ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ لكن لم يخص هذا الأمر بكافر. ﴿إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ عامة ليس خاصاً بأحد، قال في الصلاة ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46)﴾، ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾، ﴿وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، ﴿وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ .

ﵟ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﵞ سورة هود - 34


Icon