الوقفات التدبرية

آية (٣٦) : (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ...

آية (٣٦) : ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ * ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ﴾ جاءت بالمبني للمجهول مع أنه في موقف آخر يقول (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ (٢٧) المؤمنون) : في المؤمنون نوح دعا ربه لكي ينصرنه ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ هو يريد النصر من الله حصراً فاستجاب له، من دعاه أجابه وقال ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ بالمعلوم، ما قال أُوحي إليه، الفاء هنا تعقيب يعني مباشرة ﴿رَبِّ انصُرْنِي﴾- ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾، والملاحظ في القرآن كله إذا جاء فعل أمر بعد فعل الإيحاء يذكر الفاعل ولا يبنيه للمجهول مثلاً ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾، ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾، ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي﴾، ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾. ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ . في هود ليس هناك دعوة فقال ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ﴾ مبني للمجهول. * هنا قال ربنا ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ ومع يوسف قال ﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ : من الملاحظ أن القرآن يستعمل مع الإهلاك الفعل ﴿فعل﴾ ولم يستعمل الفعل ﴿عمل﴾، سواء كان بالنسبة لهؤلاء الذين يعاقبون أو لله سبحانه وتعالى عندما ينسب الفعل لنفسه، فعل أعمّ من عمل، مثل (أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا (١٥٥)) و (أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) الأعراف) و (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) الفجر) و (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ (٤٥) إبراهيم) (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ .. كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) المرسلات) عامة. في هود في سياق العقوبة والإهلاك فقال ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾، أما في في يوسف ذكر العمل (فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (٦٩)).

ﵟ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﵞ سورة هود - 36


Icon