الوقفات التدبرية

آية (٤١) : (وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا...

آية (٤١) : ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ * قال ربنا ﴿مَجْرَاهَا﴾ وليس جريها لأن الجري مصدر فقط، لكن مجرى مصدر وإسم مكان وإسم زمان، فيها عموم وشمول. * هنالك قراءتان متواترتان لـ ﴿مَجْرَاهَا﴾ وقراءة واحدة لـ ﴿مُرْسَاهَا﴾ : لغويًا: - مَجراها بالفتح ﴿مَجرى﴾ من الفعل الثلاثي جَرَى، هذا مصدر مثل الجري والجريان، واسم مكان يعني مكان الجري، واسم زمان يعني وقت الجري، مُجراها بضم الميم مصدر أيضاً واسم مكان واسم زمان من الفعل الرباعي أجرى، أجراها الله أو أجرتها الرياح، مرساها مصدر اسم مكان واسم زمان من الفعل الرباعي أرسى وليس الثلاثي رسى. - تحتمل مجراها بسم الله مبتدأ وخبر، ويحتمل أن يكون اركبوا فيها بسم الله، الركوب بسم الله، و تحتمل أن تكون حال اركبوا فيها مسمين الله ذاكرين الله حين جريها وحين إرسائها، ومحتمل أن يكون المجرى والمرسى حال، يعني اركبوا فيها جارية ومجراة بسم الله. بيانيًا: هذه العبارة جمعت معاني متعددة: - المصدر الجري والجريان والإرساء، بسم الله جريانها هي تجري بسم الله، وبسم الله إجراؤها من الله، وبسم الله إرساؤها من الله فالله هو مجريها ومرساها، فيكون المعنى إجراؤها وجريانها وإرساؤها كله بسم الله. - المكان مكان الجري ومكان الإجراء ومكان الإرساء، بسم الله مكان جريها ومكان إجرائها ومكان إرسائها. - الزمان في الزمان الذي تُجري فيه وتجري فيه وتُرسى فيه كله بسم الله. بسم الله سبحانه وتعالى جريها وإجراؤها وإرساؤها وبسم الله في مكان جريها وإجرائها وإرسائها وبسم الله زمان جريها وإجرائها وإرسائها ومسمين الله في جريها وإجرائها وإرسائها واركبوا فيها جارية ومجراة ومرساة بسم الله، كل هذا في هذا التعبير. * ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ الرب أنسب اسم هنا لأن الرب هو المعلم والموجه والمرشد، رئيس الملاحين في السفينة يسمى رُبّان والربان من الرب لأنه يوجهها إلى المسار الصحيح. أنسب شيء هو يوجههم ويجريها ويرسيها في المكان. * هنا ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وفي سورة يوسف (إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٥٣)) و (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)) : الموضع الأول في سورة يوسف على لسان سيدنا يوسف أولاً هو رسول لم يرتكب ذنباً وسُجِن ظلماً، هو فرد واحد. في سورة هود هؤلاء قوم نوح المؤمنين جماعة فاحتاج إلى توكيد أكثر أولاً ومحتمل أن يقعوا في اللمم وهم أتباع سيدنا نوح، ولم يقل ربنا أو ربكم لأنه هو الذي يدعو، هو يتكلم عنهم اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها، هو يخاطبهم، يؤكد لهم إن الله غفور رحيم لأنهم كثرة. الموضع الثاني في سورة يوسف مع سيدنا يعقوب أضاف ﴿هو﴾ هم قالوا (قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (٩٧)) بعد أن فعلوا ما فعلوا بأخيهم وما حصل لأبيهم منه وهذا الأمر ليس ليعقوب لأنه يتعلق بحقوق الآخرين هم اعتدوا على أخيهم، هذا الأمر ليس ليعقوب هذا يعود لله حصراً ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ .

ﵟ ۞ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﵞ سورة هود - 41


Icon