الوقفات التدبرية

آية (٤٧) : (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا...

آية (٤٧) : ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ * قال ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِكَ﴾ بالتأكيد مع أنه في غيرما موضع لا يقول ﴿إِنِّي﴾ مثل ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ : الاستعاذة تكون على قدر ما يحذره المستعيذ ويخافه إذا كان المخوف متمكنًا متسلطًا قويًا ويتهدده هو على وجه الخصوص يقول ﴿إني﴾ مثل قول موسى عليه السلام ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ﴾ مريم لما رأت الشخص أمامها ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا﴾ لأنه تهديد لها هي على الخصوص تحديدًا فيحتاج إلى تأكيد بينما ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ فليست خاصة وإنما هي عامة كلنا نقولها وليس هنالك ما يهدد على الخصوص، هنا الأمر صادر لسيدنا نوح رأسًا ﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ هذه خاصة به فأراد أن يؤكد الاستعاذة بالله عز وجل ليعينه على ذلك يحترز ويحتمي به. * هنا غير مؤكدة ﴿وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ وفي الأعراف (وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)) و (قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (١٤٩)) : في هود المغفرة والتوبة على قدر المعصية، نوح لم يُذنِب فجاء بالكلام غير مؤكد ﴿وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ طلب المغفرة لا يدل على وقوع صاحبها في المعصية. في الأعراف (٢٣) أما سيدنا آدم فيها عصيان ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ والخسران على قدر المعصية، يحتاج إلى توكيد لطلب المغفرة ، ولذلك آدم قال ﴿وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ جاء بـ ﴿إن لم﴾. في الأعراف (١٤٩) هذه لبني إسرائيل عندما عبدوا العجل (وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ (١٤٩)) هذا أكبر من الشرك هؤلاء يقولون ﴿فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾ هذا أكبر من الشرك. فإذن الخسارة أكبر فجاؤوا بالقسم ﴿لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. ثم هنا قدّم طلب الرحمة على المغفرة لأنهم خشوا أن يطردهم من رحمته أصلاً . * قدّم الرحمة على المغفرة لأن طلب الرحمة مرقاة إلى طلب المغفرة، من نال الرحمة له أن يطلب المغفرة لأن رحمته وسعت كل شيء فكل مغفور له مرحوم، كيف يغفر لهم وهو لم يرحمهم؟! .

ﵟ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﵞ سورة هود - 47


Icon