الوقفات التدبرية

آية (١٨) : (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ...

آية (١٨) : ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ * الفرق بين كلمة النِعمة والنَعمة في القرآن : نِعمة بالكسر تأتي في الخير ، أما نَعمة بالفتح لم ترد في القرآن كلّه إلا في السوء والشر والعقوبات مثل (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) المزمل). * دلالة إستخدام كلمة ﴿نِعْمَةَ﴾ بالإفراد : فقد وردت في القرآن نِعَم ونعمة وأنعم ، أنعم جمع قلة (من ٣ إلى ١٠) فإذا صارت عشرة تدخل في الكثرة. - المفرد قد يدل على الواحد أو على الجنس. مثلاً تقول: الأسد أقوى من الكلب، لا تعني به أسداً واحداً وإنما الجنس. والجنس أكثر من الجمع لأنه أعم وأشمل ، نعمة أكثر من نِعَم وأنعم. -- الوجه الآخر أن النعمة الواحدة لا تُعدّ الإحصاء هو العدّ ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ﴾ أي أن تحاولوا إحصاءها ، فلو جئت تعد نعمة الأكل إحصِ من خلق المادة الأولى ومن زرعها وحصدها وطحنها ..و..و.. ثم لما هُيأت لك لتأكلها بالأسنان والعصارات الهاضمة، إذن لا تحصى مفردات النعمة الواحدة فكيف بالنِعَم؟ * اختلاف صيغة الجمع في آية النحل وآية إبراهيم وآية لقمان: الله تعالى قال عن إبراهيم عليه السلام (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٢١) النحل) لأنه لا يمكن أن يشكر الإنسان نعم الله فأتى بجمع القلة. وقال تعالى (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (٢٠) لقمان) بالكثرة لأن النعم كثيرة. * الفرق بين ختام الآية وآية سورة إبراهيم (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)) : كل فاصلة مناسبة للسياق الذي وردت فيه: في ابراهيم السياق في وصف الإنسان وذكر صفات الإنسان فختم الآية بصفة الإنسان، قال (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) .. (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ .. (٣٠) ..(٣٣) إلى أن يقول ( .. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)) مناسب لما ذكر من صفات الإنسان. في النحل السياق عن صفات الله تعالى ونعمه فذكر ما يتعلق بصفات الله (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) .. إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧) .. وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ .. (٩) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً .. (١٠) .. (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ .. (١٢) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ .. (١٣) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ .. (١٤) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ .. وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا .. (١٥) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ .. (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)) .

ﵟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﵞ سورة النحل - 18


Icon