الوقفات التدبرية

آية (٤٩) : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ...

آية (٤٩) : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) * الاختلاف في الاستعمال القرآني ل ﴿من﴾ و ﴿ما﴾ مع آيات السجود : ◊ ﴿من﴾ تستعمل لذوات العقل وأولي العلم فقط ، أما ﴿ما﴾ فتستعمل لصفات العقلاء ﴿ونفس وما سوّاها﴾ ﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾ والله هو المسوي والله هو الخالق ، وذوات غير العاقل (أشرب من ما تشرب) وهي أعمّ وأشمل. من الآيات التي وردت فيها ﴿من﴾ أو ﴿ما﴾ مع السجود : - (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا..(١٥)الرعد) والطوع والكره من صفات العقلاء فاستعمل ﴿من﴾. - أما في آية سورة النحل ذكر الدابة وأغلب ما تستعمل في اللغة لغير العاقل وهي عامة وشاملة فاستعمل ﴿ما﴾ ، كما أنه جاءت كلمة ﴿شَيْءٍ﴾ في الآية وهي أعمّ كلمة. فمن ناحية العموم ومن ناحية استعمالها لغير العاقل ناسب استعمال ﴿ما﴾. ◊ ونلاحظ في القرآن أنه تعالى عندما يستعمل ﴿من﴾ يعطف عليها ما لا يعقل كما في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ (١٨)الحج) ، أما عندما يستعمل ﴿ما﴾ فإنه يعطف عليها ما يعقل (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ... وَالْمَلَائِكَةُ) وهو خط بياني لم يتخلف في القرآن أبداً والحكمة البيانية منه جمع كل شيء.

ﵟ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﵞ سورة النحل - 49


Icon