الوقفات التدبرية

آية (٨٥) : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا...

آية (٨٥) : ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ * الفرق بين يغفر ويعفو ويتوب ويصفح ويسامح : العفو هو ترك العقوبة، تعفو عنه تترك العقوبة وليس بالضرورة يحتمل ستر الذنب. المغفرة ستر الذنب، المغفرة ستر، من غفر الشي أي ستره. الصفح ترك اللوم والتثريب وهو أبلغ من العفو فقد يعفو الإنسان ولا يعاقبه ولكن لا يصفح وإنما يثرّبه يلومه ويعنفه ، ولذلك قال تعالى ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾. التوبة ترك الذنب، الاقلاع عن الذنب مع الندم والعزم على عدم العودة. السماح المسامحة هي المساهلة في اللغة. * في سورة الحجر ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ﴾ وفي غافر ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا﴾ وفي الحج ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا﴾ وفي طه ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ﴾ وفي الكهف ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ : - هو يجمع آتية ولا ريب فيها إذا كان السياق في ذكر الساعة تحديدًا. - يأتي باللام إذا كان السياق يحتاج إلى توكيد. - هو لا يخاطب الرسل بقوله ﴿لَّا رَيْبَ فِيهَا﴾ أبدًا. أي رسول كان لا يحتاج إلى نفي الريب. في سورة الحج : - تبدأ السورة ﴿ .. إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ(2)﴾ ثم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ (5)﴾) فقال (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (٧)) ويستمر السياق عن الساعة. - لا يصح لغةً أن يذكر اللام هنا ويقول وأن الساعة لآتية لأن اللام لا تقع في خبر ﴿أنّ﴾ المفتوحة الهمزة مطلقًا. في غافر : - قال (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ (٤٧)) ثم يستمر إلى قوله (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٩)) فإذن الكلام في الساعة. - هناك فرق دلالي بين إن الساعة وأن الساعة (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (٧) الحج) هذا معطوف على ما قبله ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ (11)﴾ دخل عليها حرف جر، بينما في غافر جملة مستقلة وحتى توكيدها أكثر فتختلف. في الحجر : أكّد باللام لأن السياق، هو كان يتكلم عن أصحاب الحجر فذكر عذابهم في الدنيا وسيأتيهم العذاب في الآخرة مؤكَّد. في طه : قال تعالى (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣)) الكلام لموسى ثم قال (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (١٥)) لا يزال الآن في طور الرسالة، أما في الحجر ففي طور التبليغ والذكر ومن باب التصبير للرسول (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) الحجر) فيها تبليغ وضيق صدر وهذه ليس فيها شيء لا يحتاج إلى توكيد، أسباب النزول تنفعنا نفعًا كبيرًا جدًا في معرفة الاختيار في المقام والسياق وما إلى ذلك. في الكهف : هذا ليس في خطاب أي رسول من الرسل ولا في مقام ذكر الساعة وإنما في أصحاب الكهف (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا (٢١)) ليس هناك داعي ليقول آتية، هو أقام الدليل على نومهم ثلاثمائة سنة. ﴿لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ ما هو وعد الله حق؟ أن تأتي الساعة، ذكرها. إذن حسب السياق وحسب المقام.

ﵟ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﵞ سورة الحجر - 85


Icon