الوقفات التدبرية

آية (٦) : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ...

آية (٦) : ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ * قال في سورة البقرة ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ وهنا قال على لسان موسى عليه السلام ﴿إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ : هناك فرق بين فعّل وأفعل، نجّى يفيد التمهل والتلبّث والبقاء مثل علّم وأعلم، علّم تحتاج إلى وقت أما أعلم فهو إخبار، موسى عليه السلام يعدد النعم عليهم فقال ﴿أَنجَاكُم﴾ فأنهى الموضوع بسرعة. * الفرق بين ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ﴾ و ﴿وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ﴾ : في سورة البقرة قال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)) جعل سوء العذاب هو تذبيح الأبناء، هذه بدل من يسومونكم، وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، ما هو سوء العذاب؟ يذبحون أبناءكم ، هذه الجملة بدل لما قبلها فسّرتها ووضحتها. في سورة إبراهيم ذكر أمرين سوء العذاب بالتذبيح وبغير التذبيح باتخاذهم عبيدًا وعمالًا وخدمًا ، سيدنا موسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل يذكِّرهم بنعم الله عليهم أن الله سبحانه تعالى أنجاهم من آل فرعون من أمرين: يسومونهم سوء العذاب هذا أمر ويذبحونكم أبناءكم هذا أمر آخر. * دلالة استعمال كلمة بلاء بدل ابتلاء: كلمة ابتلى هي أشد من ﴿بلا﴾ ويظهر فيها معنى الاختبار أكثر وكلمة ابتلاء لم ترد في القرآن الكريم وإنما وردت (ليبتليكم، مبتليكم، ابتلاه) والبلاء قد يأتي بمعنى الاختبار أو ما ينزل على الإنسان من شدّة أو ما يصيبه من خير، وفي الآية الكلام عن بني إسرائيل قبل أن يأتيهم موسى عليه السلام فما أصابهم من ذبح واستحياء نسائهم لم تكن بناء على الابتلاء الاختبار الشرعي بأن يأمر الله تعالى بشيء ما فيفعله الإنسان أو لا يفعله، وإنما حدث لهم قبل أن يُرسل الله تعالى لهم موسى عليه السلام، والبلاء هنا من باب البلاء القَدَري (أي ما يُقدّره الله تعالى على الناس) والبلاء قد لا يكون بالضرورة سيئًا. * الفرق بين ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ﴾ و (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ (٢٠) المائدة) : في المائدة تحبب تودد تلطف، في إبراهيم فيها غلظة، فيها شدة، فيها جفاء، موسى عليه السلام قال ﴿يَا قَوْمِ﴾ في مرحلة طاعة بني إسرائيل وإقبالهم على هذا الدين وعصيانهم لفرعون، بعد ذلك ماذا فعل بنو إسرائيل بموسى عليه السلام؟ عبدوا العجل ولم يطيعوه وحاربوه واتهموه وآذوه.

ﵟ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﵞ سورة إبراهيم - 6


Icon