الوقفات التدبرية

آية (١٩) : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ...

آية (١٩) : ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ * استعمال صيغة الجمع مع أن الخصمان مثنى: كلمة الخصم تستخدم في القرآن الكريم للدلالة على المفرد والمثنى والجمع نقول: هذا خصم، هذان خصم،هؤلاء خصم ويمكن أن نقول هؤلاء خصوم. لما استعمل خصمان أي فئتان وليس بمعنى فرد بدليل ما أتبع ذلك. هذان خصمان مجموعتان الأولى (فالذين كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ... وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) هذا الخصم الأول، هذا جمع ما قال فالذي كفر وإنما قال ﴿فالذين كَفَرُوا﴾، والثانية (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ ... وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) هذا الخصم الثاني. * منظر حافل بالحركة المتكررة المليء بالتخييل الذي يبعثه النَسَق، فلا يكاد ينتهي الخيال من تتبعه لأنه مشهد متجدد. فها هي الثياب من النار تُقطّع وتفصّل وهذا حميم يُصب من فوق الرؤوس يُصهر به ما في البطون والجلود. وهذه مقامع من حديد وهذا هو العذاب يشتد ويتجاوز الطاقة فيهبّ الذين كفروا من الوهج والحميم والضرب الأليم. يهبّون للخروج من هذا الغمّ وإذا بهم يُردّون بعنف ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ . * ﴿قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ﴾ التقطيع فيه مبالغة القطع، وقد جاء ﴿قُطِّعَتْ﴾ مضعّفًا لرصد صورة القطع القاسي ولرسم ملامح السرعة في إعداد ثياب من نار من شانها إحراق الجلود ولا سيما وأن مادة الثياب التي نسجت منها هي نار تتلظى. * ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ﴾ ﴿من﴾ يسموها إبتداء الغاية ملاصق لا يسمح لأحد بأن يدخل مثلاً (لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ (١٦) الزمر) مباشرة عليهم لو قال فوقهم تحتمل بُعد المسافة، ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ مباشرة على رؤوسهم.

ﵟ ۞ هَٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ﵞ سورة الحج - 19


Icon