الوقفات التدبرية

آية (٤٧) : (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ...

آية (٤٧) : ﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ * قال قبلها (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)) بينما هنا ﴿فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾ بدون ﴿له﴾ : في الآية الأولى الكلام لفرعون لأنه إذا لان لان قومه الغرض واضح، أما هنا هذا تبليغ عام ليس ﴿له﴾ خاصة، إلى فرعون وملئه، للجميع. * الفرق من الناحية البيانية في استخدام ﴿إِنَّا رَسُولُ﴾ ﴿إِنَّا رَسُولَا﴾ ﴿إِنِّي رَسُولُ﴾ في قصة موسى وهارون : كلمة رسول في اللغة تُطلق على المفرد والجمع مثل بشر وطفل وضيف، فاختار تعالى كل كلمة في السياق المناسب لها: في سورة طه السياق كله مبني على التثنية من قوله تعالى ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ﴾ إلى قوله ﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾ ﴿قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ﴾ (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (٦٣)) . في سورة الشعراء (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦)) السياق كله مبني على الإفراد والوحدة من قوله تعالى (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨)) مع العلم أن أوائل السورة فيها تثنية َ (١٥) (١٦) ثم يُغيّب هارون وتعود إلى الوحدة ويستمر النقاش مع موسى وحده (٢٧) (٢٩) (٣٠) (٣٤) . في سورة الزخرف قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٦)) لم يأت ذكر هارون في سياق السورة كلها أصلًا. هذه الآيات الثلاث لا تعارض فيها وإنما هي لقصة واحدة بمشاهد متعددة جاء بجزء منها بما يقتضيه السياق في السورة، موسى وهارون ذهبا إلى فرعون هذا الموقف عبر القرآن عنه في ثلاث مواطن مختلفة ذكرهما باعتبار ما حدث، علينا أن ندرس القصة كلها فهي ليست جلسة واحدة وإنما عدة لقاءات والكلام مرة يكون لهما معًا ومرة لموسى وحده هارون يسكت ويتكلم موسى فيوجه الكلام لموسى بحسب ما حدث فاختار أدق كلمة في التعبير.

ﵟ فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ ﵞ سورة طه - 47


Icon