الوقفات التدبرية

آية (٧) : (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ...

آية (٧) : (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) * قال الحق ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ ولم يقل: هن أمهات الكتاب فليس كل واحدة منهن أُمّا للكتاب ، ولكن مجموعها هو الأم، كما قال الحق (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً (٥٠)المؤمنون)، لم يقل آيتان؛ لأن عيسى عليه السلام لم يوجد كآية إلا بميلاده من أمه دون أب ، وأم عيسى لم تكن آية إلا بميلاده ، إذن فهما معاً يكونان الآية، وكذلك ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾. * أمّ الشيء أصله لأن الأم هي الوالدة وهي أصل المولود ولكن لم يقل ربنا تعالى هُنّ أصل الكتاب أو أساسه، ففي هذا التعبير القرآني ﴿هنّ أم الكتاب﴾ تصوير عميق لآيات القرآن وهو أسمى معنى فقد جعلها الله تعالى كلاماً لا يمكن فصله فلا يمكنك أن نتصور آيات الله جميعها بمعزل عن الآيات المحكمات كما لا يمكن لذي عقل أن يتصور مولوداً دون والدة. * ما الفرق بين الاجتهاد والتأويل والتفسير؟ الاجتهاد هو بذل الجهد والوسع في الوصول إلى الحكم الصحيح عن طريق القياس بردّه إلى الكتاب والسُنّة في أمر مشابه للمسألة ولا يرده إلى رأيه مباشرة، فمثلاً يقيس حكم المخدرات على حكم الخمر. التأويل هو نقل ظاهر اللفظ إلى دلالة أخرى لسبب من الأسباب. سورة النصر مثلاً تأويلها عند ابن عباس أنها نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمر غير مصرّح به في الآية وإنما ينقله إلى معنى آخر لسبب من الأسباب فلا بد أن تكون لها قرينة تفهم منها ولا يمكن لأي كان أن يأوّل كيف يشاء، فهذا له ضوابط يعرفها أهل العلم. التفسير كشف المراد عن اللفظ والمفردات، كآية غير واضحة تشرحها وتفسرها. * ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ولم يقل العلماء فالرسوخ هو الثبات والتمكن في المكان، تقول رسخت القدم أي لا تزلّ وجبلٌ راسخ أي لا يتزحزح والراسخ في العلم هو الذي تمكن من علم كتاب الله وقامت عنده الأدلة بحيث لا تزحزحه الشُبَه.

ﵟ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﵞ سورة آل عمران - 7


Icon