الوقفات التدبرية

آية (١١) : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ...

آية (١١) : ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ * خصص ذكر فرعون هنا دون غيره من أمثال عاد وثمود لكي يناسب ثقافة المخاطَب هنا وهم اليهود والنصارى لأنهم أعلم وألصق بأخبار فرعون كما أن العرب أعلم وألصق بأخبار عاد وثمود. * لم يقل فأخذناهم بذنوبهم: في جميع القرآن ليس هنالك موطن مطلقاً يذكر ربنا نفسه بضمير الجمع إلا ويكون قبله أو بعده ضمير يدل على الإفراد، ﴿بِآيَاتِنَا﴾ جمع، ﴿فَأَخَذَهُمُ﴾ أظهر الإفراد هنا للدلالة على الوحدانية. * الفرق بين الآية (١١) من آل عمران والآية (٥٢) من سورة الأنفال: - في آل عمران قال تعالى ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ وفي الأنفال (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٥٢)) أكّد بـ ﴿إنّ﴾ وأضاف كلمة ﴿قوي﴾ لأن الكفر أعمّ وأشدّ من التكذيب فالتكذيب حالة من حالات الكفر فأكّد قوته وشدّد عقابه ولو قال شديد العقاب في الآية الثانية لا تدل على أنه قوي فقد يكون شديد العقاب ولكن غير قوي. - ذكر في آل عمران حالة جزئية (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا (١٠)) ذكر أمرين الأموال والأولاد، ولكن عدم الإغناء ليس بهذا فقط، هناك الأتباع (فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ (٢١) إبراهيم) ، الآلهة (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ (١٠١) هود) ، السلطان (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (٢٩) الحاقة) ، الشفعاء (لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا (٢٦) النجم). إذن ذكر حالة جزئية فلما ذكر حالة جزئية ذكر حالة جزئية من الكفر وهي التكذيب، أما في الأنفال فذكر حالة عامة (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (٥١) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٥٢)) فجاء بالكفر وهو الأعمّ.

ﵟ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﵞ سورة آل عمران - 11


Icon