الوقفات التدبرية

آية (١٤) : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء...

آية (١٤) : ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ * ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ﴾ ربنا في القرآن لا يسند العيب لنفسه أبداً وإنما ينسب له سبحانه الخير وإن كان الكل من عنده عزّ وجلّ. * نلحظ أن هذه الآية التي تعدّد أنواع الزينة جاءت بعد الآية التي تتحدث عن الجهاد في سبيل الله، ليرشدنا إلى أن المؤمن لا يصح أن يضحى بشهوته الحقيقية وهي إدراك الشهادة في سبيل الله أو النصر على العدو بسبب الشهوات الزائلة. * لم يقل زُيّن للرجال حب الشهوات من النساء فكلمة الناس تضم الجنسين الرجال والنساء، الناس جميعاً وليست خاصة بالرجال، ولكن النساء ألا يحبون القناطير المقنطرة؟! لما ذكر البنين دخلت النساء في الآية تلميحاً لمعاشرة الرجال وليس تصريحاً ما قال زين للنساء حب الشهوات من الرجال حتى لا يخدش حياءهن لأنه لا يحسن أن يذكر أن يحب النساء الرجال ، لأن الرجال يسعون في ذلك وينفقون في ذلك، فعمم لكن دخل حب النساء للرجال تلميحاً بذكر البنين. * تقديم الأولاد على الأموال يكون في مواطن الحُبّ، وفي حبّ الشهوات يقدّم النساء على باقي الشهوات، أما فى مواطن الإلهاء كقوله (لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (٩)المنافقون) قدّم الأموال للتحذير لأن الإلتهاء بالمال يكون أكثر. * القناطير المقنطرة تدل على المال المضاعف والكثرة وتضفي تصويراً لشره ونهم الإنسان للمال الذي لا يكتفي بالدراهم التي تسد حاجته بل يسعى إلى تكديس المال إرواءً لحبه له ولو كان ربنا يريد مجرد الميل إلى المال لعبّر باللفظ الصريح. * ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فبعد الإطناب السابق في ذكر الشهوات الدنيوية وأمور البذخ والنعيم تأتي كلمة المتاع المؤذنة بالقِلّة وهو ما يُستمتع به مدة ثم يزول ليبين قيمة الحياة الدنيا الحقيقية لينتزع تعلق القلوب بها.

ﵟ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﵞ سورة آل عمران - 14


Icon