الوقفات التدبرية

آية (٧) : (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ...

آية (٧) : ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ * لم يقل (فأولئك عادون) أو (من العادين) للدلالة على المبالغة في الاعتداء ﴿الْعَادُونَ﴾ هم المعتدون الكاملون في العدوان المتناهون فيه وهؤلاء هم أولى من يوصف بالعدوان، لأن العدوان يمتد إلى الإنسان نفسه وأولاده وزوجه وإلى الجيل الذي لم يظهر بعد، وإلى المجتمع على وجه العموم، فهذا شر أنواع العدوان وأولى بأن يوسم صاحبه به. * لم يقل ﴿الضالون﴾ أو ﴿الخاطئون﴾ أو ﴿الفاسقون﴾ لأن هذه صفات فردية، وليس فيها إشارة إلى العدوانية، كما ليس فيها إشارة إلى الخطر الهائل الذي يحيق بالمجتمع من جراء ذلك، كما أن ذلك أنسب مع قوله ﴿غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ فإن المعتدي ملوم على عدوانه أكثر من صاحب الأوصاف التي ذكرناها. * عبر بالصيغة الاسمية ﴿حَافِظُونَ﴾ و ﴿مَلُومِينَ﴾ و ﴿الْعَادُونَ﴾ للدلالة على ثبات هذه الصفات، فقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ يفيد ثبات الحفظ ودوامه وعدم انتهاكه على سبيل الاستمرار، لأن هذا لا ينبغي أن يخرم ولو مرة واحدة، ومن فعل ذلك على وجه الدوام فإنه غير ملوم على وجه الدوام، والذي يبتغي وراء ذلك، فهو معتد على وجه الثبات أيضًا، وقد يثبت هذا العدوان، فلا يمكن إزالته أبدًا، وذلك ببقاء آثاره على نفسه وعلى الآخرين.

ﵟ فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﵞ سورة المؤمنون - 7


Icon