الوقفات التدبرية

* ما دلالة وصل (أنما) في آية سورة الأنفال (واعلموا أنما غنمتم من شىء...

* ما دلالة وصل ﴿أنما﴾ في آية سورة الأنفال (واعلموا أنما غنمتم من شىء )؟(د.فاضل السامرائى) هذا السؤال عائد إلى خط المصحف (الخط العثماني) وليس عائداً لأمر نحوي، وحسب القاعدة : خطّان لا يُقاس عليهما خط المصحف وخط العَروض. وفي كتابتنا الحالية نفصل ﴿إن﴾ عن ﴿ما﴾ وحقُّها أن تُفصل. ابتداء يعود الأمر إلى خط المصحف سواء وصل أم فصل لكن المُلاحظ الغريب في هذه الآيات كأنما نحس أن للفصل والوصل غرض بياني. لو لاحظنا في آية سورة الأنعام ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ﴾ فصل وفي الذاريات و المرسلات وصل﴿اِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ فلولاحظنا الآيات نجد أنه تعالى لم يذكر في سورة الأنعام شيء يتعلّق بالآخرة أو متصلاً بها وإنما تكلم بعد الآية عن الدنيا (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136)) ففصل ما يوعدون عن واقع الآخرة. بينما في سورة الذاريات وصل الأمر بأحداث الآخرة (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)) والكلام في السورة جاء عن أحداث الآخرة فوصل ﴿ما توعدون﴾ بأحداث الآخرة فكأنما الفصل لفصل بين ما يوعدون وأحداث الآخرة وكذلك في سورة المرسلات دخل في أحداث الآخرة. فلمّا فصل الأحداث الآخرة عن ما يوعدون فصل ﴿إن ما﴾ ولمّا وصل الأحداث مع ما يوعدون وصل ﴿إنما﴾ وكذلك ما جاء في قوله تعالى في قصة موسى وفرعون (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه) السحرة صنعوا وانتهى الأمر، وكذلك قوله تعالى ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ ﴿الأنفال﴾ هم غنموا وانتهى الأمر فوصل وتكلم عن شيء فعلوه. فكأنها ظاهرة غريبة وكأن الكاتب الذي كتب المصحف لحظ هذا وما في الفصل والوصل هذا والله أعلم. وقد سبق أن تكلمنا عن الفصل والوصل في ﴿لكيلا﴾ و ﴿لكي لا﴾ في إجابتنا عن سؤال سابق. ﴿ما﴾ الموصولة هنا تختلف عن ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ التي هي ما الكافة والمكفوفة التي توصل مع ﴿إن﴾.

ﵟ ۞ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﵞ سورة الأنفال - 41


Icon