الوقفات التدبرية

آية (18): *(لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾...

آية (18): *(لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾ البقرة) - (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿18﴾ إبراهيم) ما الفرق بينهما؟(د.أحمد الكبيسى) نفس الاثنين الله يقول عن الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يقول (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾ البقرة) ومرة ثانية يقول عليه (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿18﴾ إبراهيم) يعني آيتين عجيبتين ما الفرق بينهما؟ وحينئذٍ رب العالمين يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿264﴾ البقرة) على شيءِ مما كسبوا، في مكان آخر في آية أخرى ﴿لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ﴾ ما الفرق بينهما؟ أنا أقول لك أنت لا تملك شيئاً من مالك أو أقول أنت لا تملك من مالك شيئاً لغة أعجوبة. رب العالمين عندما اختار هذه اللغة العربية حسّنها ورقّاها حتى وصلت إلى قمة رقيها فنزل القرآن على تلك القمة وما كان للغة أخرى غير العربية أن تحمل هذا المطلق الإلهي والفهم النسبي. هذا الكلمة القرآنية تعطيك معنىً جديداً إلى يوم القيامة معبأة بمعانٍ لا تنضب وكل واحد على قدر ثقافته وفهمه وعقله وحضارته وعصره وحاجاته يستطيع من الجملة الواحدة من الآية الواحدة أن يستنبط فيها حكماً جديداً مدللاً عليه لم يخطر على بال الأجيال الذين سبقوه. لما نقول نحن لدينا كافر ومنافق كما قلنا قبل قليل أن هناك فرق بين الاثنين بين كافر وبين مؤمن لكن مؤمن منافق، الكافر لا يقدر على شيء مما كسب ليس لديه كسب يعني واحد يقول لا يوجد إله وفرضنا تصدق هل له أجر؟ الجواب لا. عمل مشروع عظيم ولكنه لا يؤمن بالله مثلاً هؤلاء الشيوعيين في روسيا الذين كانوا ينكرون وجود الإله عمل خدمات للبشرية اخترع شيئاً اخترع سيارة أو طيارة أو دواء ليس له فيها أجر أما أنا أؤمن بأن الله وهو رب العالمين إله الناس وهناك يوم القيامة وحساب وكتاب هذا له أجره عند الله عز وجل ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾ وشخص آخر قال لك لا يوجد إله أنا شيوعي هذا عمل أعمال صالحة لكن ليس له شيء فالذي هو يعتقد بأن الله موجود هذا انتهينا هذا يقدر على شيء مما كسب. المنافق والمشرك، المنافق تكتب حسناته نقول عنه مؤمن أنا مسيحي أنا يهودي أنا مسلم لكنه كاذب هو منافق، في الأعماق هو ملحد فهناك من الناس من ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أعلن الكفر وأعلن الإسلام وأخفى الكفر وارتدوا بعد ذلك فهذا كونه مسلم تكتب له وتسجل له أعمال حسنة لكن ليس له منها شيء. عنده فلوس وأموال لكن لا يستطيع أن يسحب ولا درهم محجور عليه هذا ﴿لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ﴾. ذاك الذي هو يقول لا يوجد الله هذا ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ ليس لديه كسب أصلاً ليس لديه كسب لا يستطيع أن يأتي بما فعل لكي يضعه في حسابه ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ يعني لا يمكن أن تأتي بهذه الحسنات يضعها في حسابه في بنك الرحمن عز وجل إذاً هو أصلاً كافر والكافر لا يحاسب على الفروع وليس له أي عمل، الإيمان شرط العمل. الثاني المنافق لا هو في الظاهر مؤمن هو مواطن. يعني نفترض جدلاً أن لدينا شخص مندس هنا وهو جاسوس للعدو لكن لديه جواز سفر وهو جالس هنا في الظاهر هو منتمي هذا في الظاهر يدخل ويخرج لا بأس لكن ليس له قدرة على أن يكون في أي مكان لأن الدولة تعرف أن هذا مندس. هذا الفرق بين الملحد وبين الكافر المشرك العلني فالمشرك ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ والمنافق الذي يعلن الإيمان والإسلام ﴿لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ﴾ هذا هو الفرق بين هاتين الآيتين.

ﵟ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﵞ سورة إبراهيم - 18


Icon