الوقفات التدبرية

.* في قوله تبارك وتعالى وهو يوصينا ببر الوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ...

.* في قوله تبارك وتعالى وهو يوصينا ببر الوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) الإسراء) الملاحظ هنا إستخدام الضمير ﴿عندك﴾ فلماذا قدّم الظرف على المفعول به؟ (د. محمد صافي المستغانمي) سيبويه أجاب "يقدّمون ما هم ببيانه أعنى" هنا العندية مقصودة، خارج القرآن الكريم إما يبلغن الكبر عندك. ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا﴾ لاحظ تأخير الفاعل، ﴿عندك﴾ الظرفية مقصودة، أيها الناس أيها الأقوياء إذا بلغ الآباء سن الكبر وبلغتهم الشيخوخة واحدودب الظهر وشاب الشعر ووهن الجلد ووهن العظم في هذه المرحلة لا ترموا بآبائكم إلى دور العجزة، ﴿عندك﴾ تحافظ على والديك، لا ترمِ والديك في دور العجزة والإسلام بريء من هذه الفعلة الشنعاء الموجودة في المجتمعات الغربية، دور العجزة أتحب أيها الإنسان أن تكبر وتُرمى في دور المسنين؟! ﴿عندك﴾ وصية من الله أن يحافظ على والديه وقبلها قال ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ﴿إحساناً﴾ لم يقل وأحسِن إنما داء بالمصدر وهناك فرق بين التعبير بالمصدر مهم جداً. وقال (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15) لقمان) لم يكتف بالأمر بعد الطاعة في حالة الشرك وإنما قال ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ المصاحبة بالحسنى، هذان هما الوالدان. ولهذا ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾ العندية هنا مقصودة لعناية المسلم بالوالديك وإياك أن ترمي والديك. وآسية زوجة فرعون عندما قالت (اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ (11) التحريم) قدّمت العندية، الذي يهم زوجة فرعون المؤمنة آسية التي ربّت موسى عليه السلام ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾ مقتضى الحديث أن يقال: رب ابنِ لي بيتاً في الجنة أو في الجنة عندك. إنما قالت ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾ هي تريد العندية وتريد المعية ﴿أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ العندية مقصودة فهي مقدّمة. على الأبناء أن يعنوا عناية فائقة بالوالدين ووالله مهما أكرمت والديك فلن تدفع معشار ما عانته أمك وهي تحملك وكلنا يعرف قصة الذي كان يحمل أمه على ظهره فقال له ابن عمر ولا بطلقة من طلقات الحمل. نسأل الله العافية، اللهم احفظ أمهاتنا وارحم من مات من والدينا واجعلنا بررة.

ﵟ ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﵞ سورة الإسراء - 23


Icon