الوقفات التدبرية

آية (79): * ما الفرق بين استخدام كلمة الله وكلمة مسخّرات في سورة...

آية (79): * ما الفرق بين استخدام كلمة الله وكلمة مسخّرات في سورة النحل وكلمة الرحمن وصافّات في سورة الملك؟ (د.فاضل السامرائى) *لفظتى ﴿الله﴾ و ﴿الرحمن﴾: قال تعالى في سورة النحل (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)) وقال في سورة الملك (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)). *أولاً وللعلم أن كلمة الرحمن لم ترد في سورة النحل كلها (128 آية) بينما وردت أربع مرات في سورة الملك (30 آية). وكلمة الله في سورة النحل وردت 84 مرة بينما وردت في الملك ثلاث مرات ،هذا من حيث السمة اللفظية. *وللعلم أيضاً لم يرد إسناد الفعل سخّر في جميع القرآن إلى الرحمن وهذا هو الخط العام في القرآن وإنما ورد (سخرنا، ألم تر أن الله سخر) ولهذا حكمة بالتأكيد. *الأمر الآخر أن السياق في سورة المُلك هو في ذكر مظاهر الرحمن (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)) حتى لمّا حذرهم حذّرهم بما أنعم عليهم من قبل (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)) ولم يقل فكيف كان عقاب كما جاء في آية سورة الرعد (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32)) وهذا من مظاهر الرحمة (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)) (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)) فالسياق في السورة إذن في مظاهر الرحمن. أما في سورة النحل فالسياق في التوحيد والنهي عن الشرك (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)) حتى ختم آية النحل ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ولفظ ﴿الله﴾ مأخوذ من العبادة فهو الأنسب هنا. *لفظتى ﴿مسخرات﴾ و ﴿صافات﴾: هذا أمر والأمر الآخر قال في سورة النحل ﴿مسخّرات﴾ من باب القهر والتذليل ولا يناسب الرحمة وليس من باب الإختيار. بينما في سورة الملك جعل اختيار ﴿صافّات ويقبضن﴾ من باب ما يفعله الطير ليس فيها تسخير وإعطاء الإختيار من باب الرحمة ثم ذكر حالة الراحة للطير ﴿صافّات﴾ وهذا أيضاً رحمة. إذن لفظ ﴿الرحمن﴾ مناسب لسورة الملك ولفظ ﴿الله﴾ مناسب لسورة النحل.

ﵟ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﵞ سورة النحل - 79


Icon