الوقفات التدبرية

*(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ...

*(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) الصف) وفي التوبة (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)) ما اللمسة البيانية في الفرق بين الآيتين؟ * د. فاضل السامرائي : ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ﴾ فيها احتمالين من حيث اللغة أولاً أن تكون اللام في ﴿ليطفؤوا﴾ زائدة هي في الأصل يريدون أن يطفئوا (أن يطفئوا مصدر مأول ومفعول به) فزيدت اللام على المفعول به ومفعول الإرادة كثير (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) هذا موجود. إما أن تزاد اللام للتوكيد أو تأتي للتعليل. *نقول اللام زائدة هنا للتوكيد ويطفئوا مفعول به لفعل يريد، شأن مع الإرادة تماماً. وأن يطفئوا؟ ليس فيها زيادة. *إذن لماذا اختار هذه هنا وتلك هنا؟ إذن واحدة آكد من الأخرى. نرى أين وضع هذه وأين وضع هذه؟ الآية التي فيها ﴿ليطفئوا﴾ هذه في تكذيب النصارى للبشارات المذكورة عندهم في الإنجيل (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) الصف) والمهم إطفاء نور الإسلام، نور الرسالة الخاتمة. أما الثانية (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) التوبة) هذا الكلام فيما بينهم، الكلام ليس له علاقة بالتكذيب بالرسالة الخاتمة، إلى أن يقول ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ﴾. تلك التكذيب بالرسول الخاتم، بموضوع الرسالة الخاتمة، في النبوة لذلك جاء بالتوكيد ﴿ليطفئوا﴾. ليس هذا فقط وإنما لو أكملنا الآيتين قال في آية ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ وفي الثانية ﴿إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾. ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ جاء بالإسم للقوة والثبات وفي الثانية ﴿إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾ فعلية فيها تجدد لكن الله متم قطعاً، في الأولى متم نوره كأنه أمر حاصل مثل (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة) ، ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ يعني الأمر انتهى، صدر الأمر وانتهى. ﴿وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾ ﴿أن﴾ تفيد الاستقبال، هذا الكلام عن الاستقبال. أما تلك فالقرار أصبح ثابتاً. كلٌ في موضعه وبدقة عجيبة.

ﵟ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﵞ سورة التوبة - 32


Icon