الوقفات التدبرية

آية (49): *(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ...

آية (49): *(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) مريم) ما دلالة الرد بـ ﴿ما يعبدون﴾ بدل ﴿ما يدعون﴾ ؟(د.فاضل السامرائى) الآية التي تفضلت بها السائلة قول إبراهيم (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49)). إذن ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ هذا كلام سيدنا إبراهيم وقوله ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ هذا قول الله في سيدنا إبراهيم. أولاً للعلم سيدنا إبراهيم عَبَد الله ودعاه، هو لم يعبد إلا الله وقال (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)) إذن أولئك كانوا يعبدون هؤلاء ويدعونهم وسيدنا إبراهيم يعبد الله ويدعوه. إذن هنالك أمران: دعاء وعبادة. فسيدنا إبراهيم عبد الله ودعاه قال (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)) ثم دعا ربه قال (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49)) ربما دعا ربه أن يهب له الذرية الطيبة، هذا أمر. والأمر الآخر أن الدعاء يأتي في اللغة بمعنى العبادة. لكن فيما يبدو هنالك إشارة إلى أن دعوة من يدعو من دون الله إنما هو عبادة له، إشارة أنك إن دعوت غير الله فأنت تعبده، إن كنت تدعو غير الله هذه إشارة أنك تعبده، فهنا ذكر أول مرة قال ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ثم قال ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ لأن دعاء الأصنام إنما هو عبادة لهم. سيدنا إبراهيم قال لأبيه ﴿وَمَا تَدْعُونَ﴾ ما قال ما تعبدون، هم عبدوا فدعوا، من طلب من الأصنام فهو يعبدها يعني إشارة إلى أن الدعاء إنما يكون من الله وحده فقط فمن دعا غير الله إشارة أنه عبده. إذن الآية الأولى كلام سيدنا إبراهيم والثانية كلام الله سبحانه وتعالى وهو إلماح لنا أن لا ندعو غير الله لأننا إن دعونا غير الله لعلّنا ندخل في أمر محذور (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) الفاتحة) نخصُّك بالاستعانة، قدّم ﴿إياك﴾ لله تعالى قصراً وحصراً.

ﵟ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﵞ سورة مريم - 49


Icon