الوقفات التدبرية

آية (20): *ما هو السلوك التركيبي للفعل يُسلم من حيث التعدّي واللزوم؟...

آية (20): *ما هو السلوك التركيبي للفعل يُسلم من حيث التعدّي واللزوم؟ أحياناً يأتي الفعل يُسلم متعدياً بـحرف الجر ﴿إلى﴾ وفي مواطن أخرى في القرآن متعدياً بحرف الجر اللام (فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الحج) (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ (20) آل عمران) فما الفرق بين تعديه باللام وتعديه بإلى؟ (د.فاضل السامرائى) أكثر ما ورد في القرآن متعدياً باللام ولم ترد بإلى إلا فقط في سورة لقمان ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾، البقية باللام أو من دون حرف جر (وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا (14) الحجرات). ما الفرق بين أسلم إلى وأسلم لـ؟ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) البقرة) (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) غافر) ما الفرق بينهما في الدلالة؟ أسلم إليه معناه دفعه إليه، تسليم دفعه إليه أو فوّض أمره إليه هذ المشهور، من التوكل. أسلم بمعنى انقاد وخضع ومنها الإسلام الإنقياد. أسلم الشيء إليه أي دفعه إليه، أعطاه إليه بانقياد هذه أسلمه إليه أو فوض أمره إليه وهذا أشهر معنى لأسلم إليه. أسلم لله معناه انقاد له وجعل نفسه سالماً له أي خالصاً له، جعل نفسه لله خالصاً أخلص إليه. لما قالت ملكة سبأ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) انقدت له وخضعت وجعلت نفسي سالمة له خالصة ليس لأحد فيه شيء. وإبراهيم  قال ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أسلم له أي انقاد له وجعل نفسه خالصة له أما أسلم إليه معناها دفعه إليه لذا يقولون أسلم لله أعلى من أسلم إليه لأنه لم يجعل معه لأحد شيء، ومن يسلم وجهه إلى الله اختلفت الدلالة أسلم إليه أي فوّض أمره إليه يعني في الشدائد (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ (44) غافر) أو في الانقياد أما أسلم لله فجعل نفسه خالصاً ليس لأحد شيء. لذلك قال القدامى أسلم له أعلى من أسلم إليه لأنه إذا دفعه إليه قد يكون لم يصل لكن سلّم له اختصاص واللام للملك (أسلم لله) ملّك نفسه لله ولذلك قالوا هي أعلى. * متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (واخشوني، واخشون)؟(د.فاضل السامرائى) هذا التعبير له نظائر في القرآن (اتّبعني، إتبعنِ، كيدوني، كيدونِ، أخّرتني، أخرتنِ). أما إخشوني واخشونِ فوردت الأولى في سورة البقرة والثانية وردت في المائدة. عندما تحذّر أحدهم التحذير يكون بحسب الفِعلة قد تكون فِعلة شديدة. مثلاً لو أحدهم اغتاب آخر تقول له إتقِ ربك وقد يريد أن يقتل شخصاً فتقول له إتقي الله، فالتحذير يختلف بحسب الفعل إذا كان الفعل كبيراً يكون التحذير أشد. فعندما يُطهِر الياء يكون التحذير أشد في جميع القرآن عندما يُظهِر الياء يكون الأمر أكبر. مثال آخر في غير التحذير (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف) بالياء (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران) بدون ياء. ننظر أي الذي يحتاج إلى اتّباع أكثر؟ الذي يدعو إلى الله على بصيرة أو مجرد أن يكون مسلماً فقط؟ لا شك أن الداعية ينبغي أن يكون متّبعاً أكثر في سلوكه وعمله لأنه داعية إلى الله ينبغي أن يكون مثلاً في سلوكه ومعرفته هذا يحتاج للياء ﴿فاتبعوني﴾. المتبعين ليسوا كالدعاة الذين يحتاجون لاتّباع أكثر لذا قال ﴿ومن اتبعني﴾ أما عموم المسلمين فلا يعرفون إلا القليل من الأحكام. إذن موطن الدعوة إلى الله على بصيرة تحتاج لمقدار اتّباع أكثر فقال ﴿فاتبعوني﴾ بالياء.

ﵟ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﵞ سورة آل عمران - 20


Icon