الوقفات التدبرية

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ...

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة) - (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) البقرة) لماذا هناك توبة؟هذا كتم وهذا كتم فما الفرق بينهما؟ الفرق ما يلي: هناك من كتب ثم تاب كتب لأمر ما إما خوفاً أو ضلالاً أو عبثاً فتاب عليه فقال ﴿ما أنزلنا﴾ للتحبب هذا الهدى بعثناه لكم وأنت عبد من عبادنا كيف تفعل هذا؟ فيه تحبيب للتوبة الله تعالى يسرها له بهذا الأسلوب الرقيق ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾ إلا الذين تابوا، يقال أن الإمام أحمد بن حنبل وكان في مجلسه في بغداد وقف عليه رجل على فرس فسأله سؤالاً فأجابه وفي الليل راجع الإمام أحمد نفسه فوجد أنه أخطأ في الفتوى فسأل عن الرجل قالوا هذا من أهل البصرة فركب الإمام أحمد على جواده فذهب للبصرة ووجد الرجل فأخبره بالجواب وما نزل عن حصانه وعاد ولهذا الصحابة الكرام كانوا يتدافعون ثلاثاً: الفُتيا والوديعة والإمامة لا أحد يفتي لأن الإثم على من أفتاه المفتي هو الذي يأخذ على عاتقه الفتيا وكذلك الوديعة والإمامة. حينئذ الذي يتوب يتوب وكلنا أخطأنا في يوم من الأيام وتسرعنا في فتوى فنعترف بالخطأ وآخر يستحي فلا يعترف لكن يستغفر رب العالمين. الثانية ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾ هنا قال الله وهناك أنزلنا فيها رقة وأمان والله يعلم أن هؤلاء قاموا بهذا عن حمق لكن الآخر لا، يكتمون عن استراتيجية وفلسفة في الإضلال والتكفير وكما قلنا في الحلقة الماضية (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ (90) آل عمران) هؤلاء ليس لهم توبة لكن إن الذين كفروا ثم تابوا هؤلاء لهم توبة. واحد مثل لينين وستالين جعل نصف الكون ملحدين هؤلاء ضلوا وأضلوا غيرهم والتلريخ مليء. جميع الفرق الملحدة الآن جاء واحد وضحك عليهم وجعلها تلحد أخرجها من دينها وجعلها طائفة ملحدة مشركة ما لها علاقة بالإسلام وليس بينها وبين الإسلام إلا كالذي بين إبليس والملائكة، يقولون عن كل ما في الإسلام خطأ القرآن ليس صحيحاً والنبي كذاب هؤلاء ليسوا مسلمين واحد أضلهم هؤلاء لن تقبل توبتهم لأنه كفر وازداد كفراً أي كفّر غيره. هنا نفس الشيء رب العالمين واحد أفتى بين جماعة ثم استحى أن يتراجع لكنه استغفر وتاب وندم إلى حد ما يغفر الله له لكن الرجل الجاهل تعلم آيتين فصار شيخاً يفتي ويكفّر الناس والبعض يتصل بي بالهاتف يقولون فلان وفلان يقولون المسلمون مغيّبون عن التوحيد يتهم المسلمين جميعاً بالكفر وهو وحده الموحد! الله تعالى يقول (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم (17) الحجرات). رب العالمين يقول ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾ أتوب عليهم لكن هذا مصرّ وجعل فرقة وحزب وما أكثرها في كل الأديان يخرج الناس ويدعي أنه هو الصواب وكلهم على خطأ. هذا الفرق بين الآيتين. استطراد: في التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي وجدنا أن هذه الفرق التي انفصلت من الأمة الإسلامية إنما كانت من هذا الباب. بالتأكيد وإلا لوفقها الله للعودة ﴿قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم﴾ المنّة هي النعمة التي لا يهبها إلا الله عز وجل من أجل هذا إذا تعلقت بالله وأنت على خطأ سيوصلك إلى الهداية قطعاً. *ما الفرق بين (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴿159﴾ البقرة) – (لَعَنَهُمُ اللَّهُ (52) النساء) - (أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ ﴿87﴾ آل عمران) - (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿25﴾ الرعد) -(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴿78﴾ ص) ؟ في الآية (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴿159﴾البقرة) اللعنة هذه كما تعرفون اللعنة هي الطرد فلان ملعون لعناه الخ كل كلمة لعن ويلعن يعني طردته من حضرتك أنت ملك فصلت وزيراً يقال لعنه طردته من رحمتك من عطفك من ثقتك طرد، هكذا معنى اللعن. في القرآن مرة قال ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ فعل مضارع ومرة قال (لَعَنَهُمُ اللَّهُ (52) النساء) فعل ماضي ومرة قال (أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ ﴿87﴾آل عمران) تعبير آخر ومرة قال (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿25﴾ الرعد) تعبير رابع ومرة قال (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴿78﴾ ص) مرة واحدة مرة واحدة قالها لإبليس لما رفض أن يسجد طرده ولعنه ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ هكذا، من أجل هذا عليك أن تعرف أن كل تعبير من هذه التعابير تعني أسلوباً في اللعن واللعن هذا أخطر ما يمكن أن يصادفه المخلوق سواء كان إنساً أو جناً أو ملكاً أو بشراً حتى الحيوان إذا لعنت نعجة لا تؤكل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا لعنت بعيراً لا يُركب إذا لعنت سيارة لا تُركب وإذا لعنت إنساناً فإذا كان يستحق اللعن لأنه ارتكب شيئاً يستحق عليه اللعن مما جاء في الكتاب والسنة خلاص هو ملعون وإذا كان لم يكن يستحق اللعنة تدور اللعنة في السموات والأرض فلا تجد أحد تصيبه فتعود إلى من لعن ولهذا (ليس المؤمن لعّاناً) المؤمن لا يلعن لأنها مصيبة إذا لعنت أحداً أو شيئاً أي شيء وكان لا يستحق اللعن عادت اللعنة إليك إذا لعنت حيواناً لم يؤذيك وسيارة ماشية لماذا لعنتها؟ ترجع عليك اللعنة وعندما تقع عليك اللعنة لا بركة ولا توفيق ونحن نقول هذه أرض ملعونة سيدنا علي وصل إلى بابل وكان وقت العصر سأل نحن أين الآن قالوا في بابل قال أعوذ بالله إنها أرضٌ ملعونة فانطلقوا ولم يصلوا العصر حتى يهربوا من هذا المكان الملعون ونفس الشيء أيضاً في ديار قوم لوط أرض ملعونة إذا مر بها شخص بسرعة يهرب لأنها أرض ملعونة إذا مر بها واحد بسرعة يهرب لأنها أرض ملعونة وطبعاً الذي يدخل عليها يكون مطأطأ ومغطي رأسه لكي لا تصيبه اللعنة. فاللعن هذا قضية من اللامعقول ترى الشيء بيت ملعون ما فيه توفيق وغير مريح، سيارة كل يوم متعطلة رغم أنها جديدة، زوجة نعوذ بالله مشاكسة أي شيء إذا أصابته اللعنة أي طرد من رحمة الله لأمر ما رب العالمين يعلمه ولهذا إياك أن تتدخل في شغل الله عز وجل فقط رب العالمين يلعن. قد يأمرك أنت أن تلعن أما أنت أن تلعن متبرعاً لا، تعود اللعنة إليك وهذه اللعنة هي سر ما قد نعانيه جميعاً من بعض المظاهر والظواهر مما يضايقنا دون معرفة السبب أنا أصلي سنة ورزقي واقف لا يوجد رزق صار لي سنة سيارتي خربانة لا تعمر صار لي سنة عندي ابن مريض لا يشفى الحق لا أدري ما مشكلته بالوظيفة أنا غير موفق الخ عدم التوفيق والشعور بالنكد شعور بالحزن شعور بالهمّ شعور بعدم البهجة هذا نوع من اللعنة فيك شيء فإياك أن تلعن أحداً لا يستحق اللعن. لا ينبغي أن تلعن إلا من لعنه الله ورسوله فإذا اجتهدت في لعن أحد لا يستحق اللعن تلف هذه اللعنة كل السموات والأرض فلا تجد أحداً تصيبه فتعود إليك وإذا عادت اللعنة إليك ابتليت بعدم التوفيق في كل شيء. نعود إلى هذه الصيغ عندما قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ قال يلعنهم فالقضية مستمرة إذاً، لماذا؟ في كل عصر هناك من يكتم الآيات البينات ويكتم الحق ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ في كل أدوار التاريخ ما من نبي جاء من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام جميعاً إلا وابتلي ذلك الدين بواحد مفتي كاهن أو قس أو شيخ أو عالم أو مُلا أو مطوّع يعرف الحق تماماً هذه الآية واضحة وهذا الحديث واضح يلويه يغطيه لكي يصل إلى نتيجة دنيوية سيئة فينحرف بمجموعة. هذه المجموعة تبقى طيلة حياتها وطيلة عمر الدنيا تكيد لذلك الدين ولأهله تمزقه تنخر فيه وهذا في كل الأديان. وما عانت الأديان أكثر مما عانت من هؤلاء الذين ينحرفون عن الرسالة السماوية وما انحرفوا من اختيارهم هناك من أفتاهم، هؤلاء الذين يسمون رجال الدين العلماء الأحبار (إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴿34﴾ التوبة) وهكذا علماء المسلمين وهكذا كل رجال الدين حتى رجال الدين الوثنيين هناك تحريفيون ولو أن ذاك التحريف فاضل. إذاً هذا الكتمان وهذا الانحراف موجود في التاريخ قال يلعنهم فعل مضارع والمضارع في الحال والمستقبل ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ حينئذٍ هذا الفعل المضارع كلما وجدته على ملعونين إعلم أن هذه القضية مستمرة ما انقطعت. إذا قال ﴿لَعَنَهُمُ﴾ شيء راح وانتهى ناس ارتدوا كفروا ﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾ حينئذٍ شيء يتكرر هكذا لعنهم. وحينئذٍ كلمة يلعنهم مضارع مستمرة كل من وما يستحق اللعن إذا هو مستمر يقول ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ إذا كان شيء انتهى أو كان في الماضي يقول ﴿لَعَنَهُمُ﴾ إذا كان قضية خطيرة واحد عمل مبدأ انحراف ونشأت عليه جماعة أو طائفة وكل الأديان الموجودة نحن عندنا ناس انسلخوا من الإسلام يعبدون الشيطان وناس تعبد قبراً وناس تعبد نعل النبي وأشكال اقرأ التاريخ سبعين فرقة عند المسيحيين سبعين فرقة وعند اليهود سبعين فرقة وعند المسلمين سبعين فرقة واحد أضلهم واحد! وهذا الواحد يقتل كل من انحرف بفتوى، هو سيدنا عمر سيدنا عثمان سيدنا علي سيدنا الحسين قُتِلوا بفتوى واحد قال هؤلاء مشركين اقتلوهم، تصور! وهؤلاء أنشأوا طائفة وإلى اليوم القتل مستحر في أيامنا نحن في هذا الزمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل) نشأنا أمة واحدة فعلاً عرب مسلمون طيبون توجد مذاهب إسلامية متعايشة عيشاً سلمياً رائعة وهذا من عظمة الإسلام المسألة الواحدة في الإسلام لها أربع خمس حلول حدّان حد أعلى وحد أدنى وأنت حرٌ بينهما (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴿187﴾ البقرة) هذه خمسين في المائة (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴿229﴾ البقرة) هذه بالمائة مائة وأنت حرٌ فيما بينها تأخذ ستين سبعين مقبول جيد جيد جداً أنت حر. إلى أن جاء واحد باعتقاده أن الذي لا يصل إلى المائة مائة فهو كافر واقتلوا اقتلوا وهكذا في زماننا كانت الأمة متجانسة يعني في الأربعينات الثلاثينات التي نحن وعيناها أمة واحدة حيثما ذهبت في العالم مهما كان مذهبك أو اختلافك اختلافات فقهية صحيحة كلها واردة عن رسول الله. النبي صلى الله عليه وسلم طبّق تطبيقات عديدة وكل واحد أخذ له رأي وهذا شيء جميل واتفق عليه المسلمون بأن هذا يجوز وهذا يجوز وهذا يجوز. وعينا على ناس قالوا نحن فقط صح وكلكم أنتم رجعيين يعني يُطلِق على من عداه رجعيون ويقتلهم وقد قتلوا وسحلوا وعلقوا ثلاثين عاماً. نعود إذاً إلى ما كنا نقول إن التعبير بـ (يلعنون) بالفعل المضارع لأمر أو جريمة أو دمٍ سيستمر مدى الدهر كما قلنا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ طيلة التاريخ كان هناك من يكتم الحق مع وضوحه هنا النقطة ﴿مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ﴾ بيان ظاهر قضية لا تقبل الخطأ. وحينئذٍ هذا الذي يخالف هذا ثم يُضل الناس ويكتم الحق عليهم هذا سوف يستمر وجوده إلى يوم القيامة ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ كما قلنا في زماننا كثير عناوين سياسية تقتل الآخر بحجة أنك رجعي جاءت ثلاثين عاماً بعدهم ثلاثين عاماً جاء من يقتل الآخر بحجة أنك أنت خائن وعميل إلى سنة الألفين ألفين وثلاثة أربعة من الآن فصاعداً هناك من يقتل الآخر لأن الآخر مشرك وكافر وهذا مستمرٍ إلى يوم القيامة. ما أن مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءت هذه الفرقة الخوارج كفّروا كل من عداهم واستحلوا دمائهم بأبشع صورة يعني لا يقتلون قتلاً عادياً لا، قتل مع التمثيل هذا مستمر ولم ينقطع من زمن موت النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم وإلى يوم القيامة (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل حتى يقتل الرجل أخاه وجاره وابن عمه حتى لا يدري القاتل لما قتل ولا المقتول فيما قتل) نسمع الآن أن فلان قتل أخوه فلان قتل أبوه باعتباره مشرك هذا ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ لماذا؟ لأن هذا خالف قضية واضحة (أمرت أن أمر الناس حتى يقول لا إله إلا الله فإذا قالوه عصموا مني دماءهم) وهذا الذي يقتل الآن يصلي خمس أوقات وفي المسجد ويصوم رمضان وهو مسلم ابن مسلم يُذبَح لأنه مشرك حينئذٍ هذا مستمر الله قال ﴿يَلْعَنُهُمُ﴾ فعل مضارع. الشيء الآخر (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿86﴾ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿87﴾ آل عمران) هذا قضية أصبحت يعني حُكم بها هؤلاء الذين ارتدوا بعد الإسلام بعد أن آمنوا بالله وقالوا محمد رسول الله ثم ارتد وهكذا فعلوا مع سيدنا موسى وهكذا فعلوا مع سيدنا عيسى على هؤلاء جميعاً ﴿أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ وهذه من باب التهديد يعني هذا التعبير بالإسمين (إن واسمها وخبرها) فيه رائحة تهديد وفعلاً كيف يمكن أن تتعامل مع مرتد والارتداد مستمر منذ أن جاءت الرسل وإلى يوم القيامة. عندنا تعبير آخر ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ هذا أيضاً تعبير جديد يقول (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿25﴾ الرعد) مجموعة ذنوب كبيرة بعضها أكبر من بعض فاجتمعت فقال ﴿لهم﴾ هذه اللام للاختصاص وكأنه لا يلعن أحدٌ كما يلعن هؤلاء فرق بين أن أقول هذه لك وهذه عليك. هذه لك اختصاص ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ﴾ كأن اللعن ما خُلِق إلا لهؤلاء ينقضون عهد الله بالتوحيد ويقطعون ما أمر الله به طبعاً بعد ميثاقه فرب العالمين قال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴿172﴾ الأعراف) أخذ علينا العهد (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ الأعراف) هذا نقض عهد الله هذا واحد، ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ يقطع الرحم وقد أمره بها أن توصل ويقطع النعمة ويقطع الخ يعني ما ترك شيئاً رب العالمين يريد أن يصله إلا قطعه ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ قتل وإبادة وتكفير وما إلى ذلك هؤلاء ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾. فرق بين ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ﴾ وبين ﴿أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ﴾ وبين (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ (25) الرعد) يعني كأنها ما من أحد يُلعَن كما يلعن هؤلاء. أقوى هذه التعبيرات الرهيبة جاءت مرة واحدة في القرآن كل هذا جاء مرات مرة واحدة في القرآن الكريم رب العالمين لعن بها إبليس لما قال له (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴿77﴾ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴿78﴾ ص) أنا رب العالمين وتعرف رب العالمين إذا اختص وحده باللعنة هناك لعنة الله والملائكة والناس يعني لكن أنت إبليس عليك لعنتي وأنت تعرف وقد لا تعرف ماذا يعني أن أختص أنا وحدي بلعنك ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ هذا الفرق بين عدة التعبيرات لكلمة اللعن.

ﵟ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﵞ سورة البقرة - 159


Icon