الوقفات التدبرية

آية (69): * لماذا جاءت كلمة نار مرفوعة ونكرة في قوله تعالى (قُلْنَا...

آية (69): * لماذا جاءت كلمة نار مرفوعة ونكرة في قوله تعالى (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا (69) ولماذا جاءت برداً وسلاماً وليس سلاماً فقط؟ أولاً كلمة نار ليست نكرة ﴿يا نار﴾ في المصطلح الحديث تُسمّى نكرة مقصودة أي معيّنة أما النحاة فيقولون معرفة. قاعدة: كل منادى مبني على الضمّ هو معرفة، والمنصوب قد يكون معرفة أو نكرة أو نكرة مقصودة أو نكرة غير مقصودة أو مضاف أو مضاف إلى معرفة. والنكرة المقصودة ليست مصطلحاً نحوياً وهو مصطلح جديد لا يوجد في كتب النحو القديمة. نقول يا راكباً نكرة غير مقصودة. إذا قصدنا أحداً نقول له يا رجلُ ويا شرطيُ. قاعدة سيبويه: إن كل اسم في النداء مرفوع معرفة وذلك أنه إذا قال يا رجلُ ويا فاسقُ كمعنى يا أيها الرجل ويا أيها الفاسق. لا يمكن أن تكون الآية (يا ناراً) لأن الله تعالى يخاطب ناراً معينة وهي نار ابراهيم فهي معرفة والمعرفة هي ما دلّ على شيء معيّن. فلا بد أن تكون ﴿يا نارُ﴾ بالبناء على الضم وهي ليست نكرة وإنما معرفة ويسمونها الآن نكرة مقصودة. أما قوله تعالى ﴿برداً وسلاماً﴾ : لو قال برداً وحدها قد يؤذي لأن من البرد ما يؤذي، ولم يقل سلاماً وحدها لأنه قد يشعر بالحرّ الذي يؤذي لكنه لا يتأذى فهي سلام. والله تعالى أراد أن يجمع الاثنين أراد أن لا يشعر ابراهيم  بالحرارة ولم يرد له أن يتضايق فهي برد وسلام فالبرد معه شيء من السلام والسلام معه شيء من البرد والله تعالى لم يُرد أن يشعر ابراهيم بالحرارة أو السخونة بحيث يتضايق فقد يعيش الانسان في حرٍّ في بيته لكن لا يوجد سلام فيتضايق. لذا كان لا بد من الأمرين معاً البرد والسلام ولا يمكن أن يستغني عن واحدة منهما.

ﵟ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﵞ سورة الأنبياء - 69


Icon