الوقفات التدبرية

آية (24): * في سورة المؤمنون (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى...

آية (24): * في سورة المؤمنون (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ (24)) وكأن الذين كفروا هم القليل لأن الملأ هم أقل من القوم ولكن الذين آمنوا به هم القليل. وفي آية أخرى قال (وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (33) المؤمنون) ما الفرق بين قومه الذين كفروا والملأ الذين كفروا من قومه؟ (د.فاضل السامرائى) نقرأ الآيتين من سورة المؤمنون: الأولى في قوم نوح (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)) وذكر قوماً آخرين لم يذكر من هم (وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)) ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ﴾ من القائل؟ من الذين كفروا؟ الملأ، إذن هنالك من قومه ليسوا من الذين كفروا (الملأ هم أشراف القوم). هؤلاء الذين قالوا، هو كفر به مجموعة منهم الملأ والذين قالوا هم الملأ الذين كفروا وقد يكون هناك ملأ لم يكفروا. فـ ﴿الذين كفروا﴾ وصف للملأ وليس وصفاً للقوم ﴿الذين كفروا﴾تعرب صفة للملأ). إذن الكفر صفة للملأ. الآية الثانية ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يحتمل أن الذين كفروا صفة للقوم، إذن الأولى كفروا قطعاً صفة للملأ والثانية تحتمل أن تكون صفة للقوم إذن الثانية أوسع وأشمل كفراً من الأولى وليس هذا فقط وإنما ذكر صفات أخرى لم يذكرها في قوم نوح ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ ذكر أموراً كثيرة من الكفر. إذن في الآية الثانية ذكر الكفر أعم والصفات أشد. بناء على هذا الذي حصل أنه لما ذكر العقوبة ذكر ناجين في قوم نوح ولم يذكر ناجين في القوم الآخرين، قال في قوم نوح (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (27) إذن هناك ناجين. أما في الآية الأخرى فليس هناك ناجين (قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41). حتى في السورة نفسها لما ذكر قوم نوح ذكر ناجين أما في الآية الثانية لم يذكر ناجين وهذه مناسبة مع العموم الذي وصف به القوم من الكفر لما وصف الكفر على العموم للقوم فصار الهلاك على العموم للقوم ولم يذكر ناجين ولما ذكر قسماً منه ذكر ناجين فكان كل تذييل مناسب لما ورد في الآية.

ﵟ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﵞ سورة المؤمنون - 24


Icon