الوقفات التدبرية

آية (37) : * في سورة الأنعام (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا...

آية (37) : * في سورة الأنعام (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)) وفي آية أخرى في سورة المؤمنون (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)) ما اللمسة البيانية في إستعمال نحيا؟ الحياة بعد الموت وعدم إيمانهم بالبعث؟ وما المقصود بنحيا؟ المعروف أن الحياة في الأول ثم الموت ﴿نَمُوتُ وَنَحْيَا﴾ كيف نفهم الزيادة في آية وعدم الزيادة في آية؟ هل في هذا تناقض، اعتراض، اختلاف؟(د. فاضل السامرائي) مرة يذكر ﴿نموت ونحيا﴾ ومرة لا يذكر، هذا إيجاز وتفصيل يوجز في مكان ويفصّل في مكان. الأولى الكلام في الآخرة (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)) ينقل عنهم الكلام، يتكلم بإيجاز عن ما ذكروه فيما قدموه. الآية الثانية فيها تفصيل في الدنيا وكلام طويل عن الآخرة والتكذيب فيها (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) المؤمنون) هذا كله كلام في التفصيل عن الآخرة واستهزاء بالرسول والتكذيب. الآية الأولى في الآخرة وربنا ينقل عنهم، فذكره موجزاً والثانية تفصيل في التكذيب ، الموقف مختلف إذن. الأولى ينقل عنهم ﴿فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾ وهذه الآن في مقام التكذيب والتكذيب بالآخرة على التفصيل (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36))، هذا تفصيل في الاية الأولى ليس فيها تفصيل. إذن واحدة فيها تفصيل وواحدة فيها إيجاز. *هل هناك معيار لمسألة التفصيل والإيجاز؟ السياق والمقام هو الذي يحدد. هم الآن في مقام ذكر التكذيب فيفصلون في الأمر وأحياناً ينقل عنهم. أحياناً في الموقف أحياناً يوجز وأحياناً يفصل. *هل هم قالوا ﴿نموت ونحيا﴾ أم ما قالوا؟ أولاً للعلم أن هاتين الآيتين ليس القائلون واحداً ولا جماعة واحدة. في الأنعام هؤلاء جماعة الرسول، أهل مكة. والآية الثانية (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) المؤمنون) هؤلاء قوم عاد. ليس القائل واحداً حتى يتناقضون، هم أقوام متباعدة مختلفة، نقل عن هؤلاء ذكر أهل مكة (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (25) الأنعام) للرسول عليه الصلاة والسلام (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (25) الأنعام) (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30) الأنعام) *(وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) الأنعام) هذا قولهم في الدنيا قالوه في الآخرة؟ ينقل عنهم ما كانوا يفعلون وما كانوا يقولون في الدنيا. *وعاد؟ في الدنيا وليس في الآخرة؟ بعد أن ذكر نوح ، الكلام في الدنيا، وكان ينقل كلام هؤلاء القوم الذين بعد نوح (ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) المؤمنون) ثم ذكر بعدهم أقواماً آخرين ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾ والقائلين مختلفين أصلاً. حتى لو كان القائل واحداً أحياناً في موقف، أنت تذكر حادثة أحياناً تفصّلها كلها وأحياناً أنت ماذا تريد أن تقول؟ قال ﴿نَمُوتُ وَنَحْيَا﴾ هو أصلاً السؤال الذي يُسال في كتب النحو لماذا قدم الموت على الحياة؟ لماذا قال ﴿نَمُوتُ وَنَحْيَا﴾؟ ما قال نحيا ونموت، هذا سؤال تذكره كتب النحو، قالوا الواو لا تفيد التعقيب ولا الترتيب. يعني ﴿نموت ونحيا﴾ ليس الموت أولاً ، إذا قلت دخل محمد وعلي لا أفهم منها أن محمد دخل أولاً قد يكونا دخلا سوياً أو دخل ذاك قبله، محتمل ، وإذا أردت الترتيب والتعقيب تستخدم الفاء أو ثم، دخل محمد فعليّ. يموت بعض ويحيا بعض، يموت من يموت ويحيا من يحيا، الواو لا تفيد التعقيب. يموت من يموت. هناك مسألة، ذكر بعد هلاك قوم نوح بعد أن ماتوا جاء هؤلاء ﴿نموت﴾ وهم يحيون. يموتون وياتي بعدهم من يحيا *وكأن لسان حالهم يتكلم عن البشرية أناس تموت وأناس تحيا، ليس هم يموتون ويحييون مرة أخرى؟ ولهذا قالوا ﴿وما نحن بمبعوثين﴾ إذا ماتوا فلن يبعثوا مرة ثانية. كان معنى يؤمنون بالآخرة

ﵟ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﵞ سورة المؤمنون - 37


Icon