الوقفات التدبرية

*يقول تعالى(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ...

*يقول تعالى(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿11﴾ الأنعام) و (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿36﴾ النحل) كلاهما عاطفة،الفاء و﴿ثم﴾ لكن لماذا هناك سيروا في الأرض ثم انظروا وهنا سيروا في الأرض فانظروا؟ لا بد أن يكون هناك معنىً مختلفاً. ونحن نعلم بأن هذا الحرف في القرآن الكريم والحركة هي آية كاملة ولهذا إن الله يعطي عليها عشر درجات ﴿ألم﴾ يعني ثلاثين درجة ثلاثين حسنة. هاتان الآيتان تتكلمان عن الآثار وعلى قيمتها وأهميتها في الإيمان ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ من حيث أن هذا السير ﴿سيروا في الأرض﴾ نوعان هناك أمرٌ بأن نسير خصيصاً لكي نتّبع آثار الظَلَمة والدول القاسية الملحدة المستعمرة التي أذاقت الناس الهوان كفرعون وثمود وعاد وأنتم تعرفون كم كانت دولاً عظيمة ثم صارت أنقاضاً وأطلالاً (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴿58﴾ القصص) (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ﴿137﴾ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿138﴾ الصافات) حينئذٍ السفر لكي ترى آثار الدول التي أهلكها الله وبطش بها من أجل أنها ظالمةٌ تسوم الناس خسفاً وتكذب بالله وآياته لكي يكون ذلك عبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴿111﴾ يوسف). هاتان الآيتان وحدة تتكلم عن السياحة أنت ستسير إما أن تكون سائحاً لغرض ليس للعبث والمجون والخمر وما شاكل ذلك لا، لا بد أن تكون سياحتك لهدف حضاري كما يفعل الغربيون ونحن لا نفعل مع الأسف الشديد الغربيون يسيحون في الأرض لكي يتعلمون يدرسون ينقبوا عن الآثار يدرسون طبائع الأمم ونحن نذهب لكي نلهو. رب العالمين قال لا ليس السفر للهو السفر مدرسة ولهذا السير في الأرض من أعظم أسباب المعرفة ومصادرها ومنابعها. فرب العالمين قال ربما تكون أنت مسافر لحاجات كالتجارة أو الدراسة أو تزور قريباً رحل إلى أمريكا إلى مصر إلى بابل في العراق في كل مكان فيه آثار الأمم التي أهلكها الله بظلمها أنت بعد ما تنتهي من شغلك إذهب وانظر إليها ﴿ثُمَّ﴾ هذا خطاب لمن يسير في الأرض لهدفٍ آخر ولكن رب العالمين يقول دع لك فرصة يوم، نصف يوم إذا كنت في مكان فيه آثار الظلمة اذهب وشوفها هذا ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا﴾ أنهي شغلك تجارتك ثم انظروا, الفريق الثاني ليس لديه شغل كما قال الدكتور نجيب للسياحة فقط وأنتم تعرفون الآن أن السياحة فن عالمي يعني شركات في كل الدنيا فقط للسياحة، يقول لا تقضي وقتك في الملاهي والحانات والخمور إقضيها بشيء نافع ولهذا من أعظم النوافع والمنافع الآثار. الآثار في كتاب الله عز وجل قضية هائلة ولهذا حرص أعداء هذه الأمة أن يأخذوا كل آثارها لأن هذه الآثار وثيقة كما أنت عندك جنسية وجواز، الآثار جواز ووثيقة وجنسية الأمة أمة بلا آثار ما تملك أن تعرف من هي؟ ما هو الدليل على أنك أنت كذا؟ يعني لما النبي صلى الله عليه وسلم مسحت كل آثاره أين هي؟ لم يبق شيئاً ولهذا عندما سقط العراق في اليوم الأول من سقوطه جاءت شاحنات كبيرة حوالي 16 شاحنة أخذت المتحف العراقي المليء بالآثار من آشور ومن بابل القديمة إلى يومنا هذا الدولة العباسية والأموية والخلفاء الراشدين ومن قبلهم ومن قبلهم كنسوها بالآخر. ورب العالمين يقول ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ﴾ انظر خيراً وشراً يقول ﴿فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ وحينئذٍ هذه الآثار للخير وللشر، للشر لكي تحمد الله على العافية وللخير لكي تحمد الله على الإيمان من أجل هذا إن زيارة الآثار عبادة عظيمة. إذاً الفرق بين فسيروا ثم سيروا ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا﴾ ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا﴾ يعني الأمر بالسير هذا السير مرة يقول ثم انظروا بعد السير أو فانظروا بعد السير إذا كنت مسافراً للسياحة من أجل ذلك فانظر رأساً ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا﴾ أنت رايح لهدف معين لكي ترى عاد وثمود وفرعون وكل الظلمة والقتلة الذين ملأوا التاريخ (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴿141﴾ الأعراف) هؤلاء كانوا على قمة ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ كانت دولاً هائلة دولاً عظيمة قال (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴿51﴾ الزخرف) وإذا به بساعات رب العالمين يسلّط عليهم الماء. وعندما تزور أنت آثار الفراعنة تلك الحضارة العريقة الممدودة في كل التاريخ وعمقه راحت بثواني، انتهى الأمر وجاء المظلومون من بني إسرائيل واحتلوا الأمر، وحينئذٍ أي عبرة هذه وأي عظة! كلما ذهبت إلى مصر ورأيت الأهرامات وعظمتها وعظمة الآثار وعظمة القصور وعظمة المُلك كيف زال هذا المُلك؟! حينئذٍ أنت انظر ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ انظر إلى الحضارة الرومانية سواء كانت بسوريا أو بالأردن أو في أماكنها ما هذا؟ ما هذا؟ وحينئذٍ هناك بالقرب من الموصل من نينوى في العراق أيضاً مدينة الحَضَر مدينة عظيمة جداً جداً لما تدخل إليها يعني أي حضارة كانت في هذه المدينة؟! ذهبت لأنهم كانوا ظلمة والعكس صحيح. والله من رأى بيت النبي نحن رأينا بيت الخلافة في الكوفة بيت سيدنا علي لما كان خليفة في العراق وسيدنا عليّ ليس نبياً وحينئذٍ لأنه من بيت النبوة وسيد آل البيت والله العظيم خرجنا ونبقى نجتر هذه الذكرى وهذا العطر وكأننا من شدة إيمانك بالله وحبك لعليّ كأنك تراه بل ليس كأنك بل أنت تراه لِمَ؟ لشدة عمق إيمانك بالأمر وتقديسك له ومعرفتك بأهدافه وغاياته وما أنزل الله بعليّ من القرآن على رسول الله كل هذا يصوغ إيمانك صياغة جديدة ويعطيك دفعة (إن هذا الإيمان يبلى كما يبلى الثوب فجددوه) وهذا من تجديد الإيمان ولهذا رب العالمين قال ﴿سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا﴾ ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا﴾ أنت يجب أن تسير ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ مرة قال ﴿فَانْظُرُوا﴾ أنت ذاهب متعمد لكي ترى ﴿ثُمَّ انْظُرُوا﴾ لا أنت في الحقيقة رايح تجارة دراسة إذا صار عندك فرصة بعد ذلك اذهب إلى هذه الآثار، هذا هو الأمر.

ﵟ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﵞ سورة الأنعام - 11

ﵟ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﵞ سورة النحل - 36


Icon