الوقفات التدبرية

آية (99): * ما الفرق بين الآيتين (99) و (141) في سورة الأنعام ؟ نقرأ...

آية (99): * ما الفرق بين الآيتين (99) و (141) في سورة الأنعام ؟ نقرأ الآيتين ونلاحظ السياق الذي هو يبين سبب الإختيار والسياق هو الأساس. الآيتان هما في سورة الأنعام، الآية الأولى (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)) الغرض تبيين قدرة الله تعالى ﴿انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ إذن هي في بيان قدرة الله. الآية الأخرى (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)) واضح أن الآية الأولى في سياق بيان قدرة الله والآية الثانية في سياق الأطعمة، بيان الأطعمة، ما حللّه وما حرّمه. قال ﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ﴾ هذا طعم، ما يتعلق بالمطعوم ﴿كلوا من ثمره﴾ في المطعوم وليس في بيان قدرة الله تعالى ﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ كل السياق في الأطعمة وما حلله بعضهم وما حرمه إفتراء عليه. إذن الآية الأولى في بيان قدرة الله تعالى منذ بداية (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)) (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)) أُنظر الفرق بين ﴿انظروا إلى ثمره﴾ و ﴿كلوا من ثمره﴾ النظر تدبر وتأمل و ﴿كلوا﴾ أكل. ثم ننظر إلى التعقيب في الآيتين: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ مسألة تدبر وفي الثانية ﴿وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ كلوا ولا تسرفوا. إحداهما في المطعوم والأخرى في التدبر في قدرة الله تعالى. متشابه ومشتبه: المشتبه هو المُلتبِس من شدة التشابه. عندنا إشتبه وتشابه، إشتبه مشتبهاً وتشابه متشابهاً. المشتبه هو الملتبس من شدة التشابه يلتبس على الرائي والأمور المشتبهة هي المشكلة. يقولون اشتبهت عليه القِبلة أي إلتبست. (التشابه) في أي معنى من المعاني، هذا متشابه مع هذا في هذه المسألة. أيهما الأدلّ على القدرة؟ أن الأمرين المختلفين يجعلهما متشابهين في أمر واحد أو مشتبهين؟ مشتبهين أدل على القدرة أنه يجعل أمرين مختلفين ملتبسان، يجعلهما من شدة التشابه كأنهما ملتبسان وهذا في أمر من الأمور. بعد أن عرفناها من حيث اللغة أين نضع متشابه وأين نضع مشتبه؟ مشتبه نضعها مع قدرة الله تعالى. *قد يُثار سؤال: لماذا قال في الآيتين ﴿وغير متشابه﴾؟ لِمَ لم يقل في الأولى وغير مشتبه؟ في الحالتين قال ﴿وغير متشابه﴾. نفي الإشتباه لا ينفي التشابه، إذا نفيت الإلتباس قد يتشابهان في أمر ولكن غير مشتبه، إذا قلت هذا غير مشتبه يعني ليس متشابه أو قد يكون متشابهاً في شيء. إذا قلت هذا وهذا ليسا مشتبهين محتمل أن يكون فيهما تشابه لكن ليسا مشتبهين. إذن نفي الإشتباه لا ينفي التشابه. إذا قلت ليسا مشتبهين لكن قد يكونا متشابهين. نفي التشابه ينفي الإشتباه إذا قلت ليسا متشابهين ينفي الإشتباه. إذا قلت ليسا مشتبهين قد يكونا متشابهين. مشتبه فِعلها إشتبه بمعنى إلتبس، هما مختلفان لكن من شدة التشابه إلتبسا عليك. متشابه قد يكون التشابه في أمر واحد أقول هذا يشبه هذا في الطول، في العرض، في اللون، إذن تشابها في أمر واحد، لكن إشتبها تكون في أمور كثيرة بحيث إلتبس عليك الأمر. مشتبه مثل التوأم التفريق بينهما صعب، وقد يتشابها أن كلاهما عيناه زرقاوان. ﴿وغير متشابه﴾: نفي الإشتباه إذا قلت هذان ليسا مشتبهين قد يكونا متشابهين في أمر من الأمور. نفي التشابه لا ينفي الإشتباه ولو نفيت التشابه فقد نفيت الإشتباه لأنه ليس هناك وجه تشابه لكن لو نفيت الإشتباه لا تنفي التشابه. قال تعالى ﴿وغير متشابه﴾ لينفيها من أصلها لأنه لو قال غير مشتبه يبقى التشابه موجود. أراد أن ينفيها كلها حتى يفرق بينهما تفرقة كاملة ليس هناك وجه للشبه. ولو قال وغير مشتبه قد يكون بينهما تشابه في أمر آخر. فإذن قال ﴿وغير متشابه﴾ في الحالين حتى ينفيهما. في الأولى ﴿مشتبهاً وغير متشابه﴾ هذا نفي ولو قال وغير مشتبه قد يكون هناك تشابه وهو تعالى أراد أن يبين قدرته سبحانه. نفي الإشتباه لا ينفي التشابه وإنما نفي التشابه ينفي الإشتباه. ومشتبه أدلّ على القدرة فوضعها في بيان القدرة وطلب التأمل والتدبر ﴿انظروا إلى ثمره﴾.أما الثانية في وضع المأكولات ﴿مختلفاً أكله﴾ ﴿كلوا﴾ إذن استعمل ﴿متشابهاً وغير متشابه﴾. أما في قوله تعالى ﴿متشابهاً وغير متشابه﴾ فهذا للتشابه وقد وردت الآيات في الإبل عامة ولا داعي للفت النظر إلى القدرة الإلهية هنا. فنفي التشابه ينفي الإشتباه من باب أولى، والتشابه قد يكون في جزئية معينة والإشتباه هو الإلتباس لشدة التشابه.

ﵟ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﵞ سورة الأنعام - 99

ﵟ ۞ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﵞ سورة الأنعام - 141


Icon