الوقفات التدبرية

آية (119): *قال تعالى (وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم...

آية (119): *قال تعالى (وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)) ختام الآية من حيث الظاهر أنه هو يكون أعلم بالضالين فلِمَ سماهم بالمعتدين فقال ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾؟ ولم يقل هو أعلم بالضالين؟﴿ورتل القرآن ترتيلاً﴾ ﴿لَّيُضِلُّونَ﴾ قرأها نافع وابن كثير وابو عمرو وابن عامر ويعقوب ﴿لَيَضِّلون﴾ على أنهم ضالون بأنفسهم وقرأها عاصم وحمزة والكسائي وخلف بضم الياء ﴿لَّيُضِلُّونَ﴾ على معنى أنهم يُضلون الناس ولو تأملت المعنيي لرأيت أن دلالتهما واضحة فالضال من شأنه أن يُضل غيره والمضل لا يكون في الغالب إلا ضالاً والمقصود التحذير منهم وذلك حاصل في القراءتين. وقد سمى الله فعلهم ضلالاً فقال ﴿لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم﴾ فكان ختام الآية من حيث الظاهر أنه هو يكون أعلم بالضالين فلِمَ سماهم بالمعتدين فقال ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾؟ ولم يقل هو أعلم بالضالين؟ سماهم الله معتدين لأن الاعتداء هو الظلم وهم عندما تقلدوا الضلال دون حجة ولا نظر كانوا معتدين على أنفسهم ومعتدين على كل من دعوه إلى موافقتهم وفي هذا إشارة لكل من تكلم في الدين بما لا يعلمه أو دعا الناس إلى شيء لا يعلم أنه حق أو باطل فهو معتدٍ ظالمٌ لنفسه وللناس.

ﵟ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﵞ سورة الأنعام - 119


Icon