الوقفات التدبرية

آية (125): * ما معنى قوله تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ...

آية (125): * ما معنى قوله تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ (125) الأنعام)؟ وكيف ينشرح الصدر؟ شرح الصدر هو نوع من الإستعمال المجازي. هو ليس شقاً للصدر على الحقيقة لكن شرح الصدر معناه أنه يهيئ لقبول الحق أن الله سبحانه وتعالى يجعل من هذا الإنسان مهياً لأن يقبل الحق. في قوله تعالى ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾ هذا القفل الذي على القلب الله سبحانه وتعالى يأذن برفعه ويكون الإنسان مستعداً مهيأ لقبول شرع الله تعالى وهذا من فضل الله. ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ لأن الله تعالى لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون يجعل صدره ضيّقاً حرجاً. ضيق الصدر وعدم تقبل شيء أحياناً الإنسان في الحوار معك يكون منشرح الصدر فيقبل كلامك وأحياناً يكون ضيّق الصدر بحيث هو غير مستعد ليقبل منك شيئاً ويرفع شعار لا أقتنع ولو أقنعتني وهناك بعض الناس هكذا. ﴿يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ هذه الصورة بالمناسبة العربي كان يفهمها على عمومها أن الإنسان إذا صعد ‘لى السماء يضيق صدره لكن واقع الحال هو لا يعلم ذلك على وجه الدقة إلى أن جاء العلم الحديث فتكلم عن الطائرات والطائرات التي ترتفع مسافات عالية ويخف الضغط الجوي ويضيق الصدر. وهذه من الآيات التي تشير إلى جانب علمي. هي لا شك في القرآن كثير من الأمور مع مراعاة أن القرآن الكريم منهج حياة يعني هذا هو الأصل فيه أنه منهج حياة للناس ينظم شؤون حياتهم لكن ترد فيه من حين لآخر لبيان عظمة خلق الله وضرب الأمثال ترد فيه حقائق علمية تتحقق لاحقاً. عندما سمعوها فهموها بقدر فهمهم. فلما يقول ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ ثم يثبت ذلك فهذا من الإعجاز المستقبلي. كيف يكون شرح الصدر؟ شرح الصدر هو فتح الصدر. أصل الشرح في اللغة هو الفتح أو الشقّ والمراد هنا ليس شق الصدر ولكنه نوع من أنواع المجاز إذا قيل شرح الله صدره بمعنى يسّر الله أمره أو أراحه أو جعله يقتنع بهذا الأمر. هناك في اللغة أمور كثيرة لا يراد فيها معاني الألفاظ كما هي على وجه الحصر وإنما ما يؤدي إليه اللفظ من معنى. وهذا ما سماه علماؤنا معنى المعنى. الشرح معلوم والصدر معلوم لكن لا يُراد به شق الصدر وإنما إنشرح صدره كأنه إطمأن إلى هذا الأمر والآن نستعملها (إطمأن قلبي إلى ذلك). ويضيق الصدر بمعنى لا يطمئن قلبه إلى هذا الأمر ويبقى قلقاً.

ﵟ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﵞ سورة الأنعام - 125


Icon