الوقفات التدبرية

*ورتل القرآن ترتيلاً : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ...

*ورتل القرآن ترتيلاً : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء (125)) كلما ارتقت البشرية في علومها الكونية تكشف لها من آيات الله الباهرة التي تفحم العقول وتبهرها. والقرآن هو معجزة على مدار الأيام وكلما تقدم العلم كشف عن جانب من جوانب إعجازه ومن تلك تلك الكشوفات الآية التي بين أيدينا فهذه الآية تشبه حالة المعرضين عن هدي الله بحالة الصاعد في السماء. ووجه الشبه بينهما ضيق الصدر فالكافر يضيق ذرعاً من النور الذي يكشف ظلمته والصاعد في السماء يضيق صدراً من نقص الأكسجين فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الإنسان إذا ارتفع فوق سطح البحر ما بين عشرة آلآف قدم وستة عشر ألف قدم فإنه يرتفع ضغطه لتوفر أجهزة الجسم حاجة الجسم من الأكسجين أما إن تجاوز الإنسان هذه المسافة فإن أجهزة الجسم لا تفي بغرضها في هذا الإرتفاع المفاجيء فما الذي يحصل؟ تظهر أعراض في مقدمتها ضيق الصدر الذي وصفته الآية وحتى يصف الله هذه الحالة فقد قال ﴿ضيقاً﴾ ولم يقل ضائقاً للمبالغة في وصف ضيق الصدر ولم يكتف السياق بوصفه ﴿ضيقا﴾ بل اتبعه بـ ﴿حرجا﴾ التي تعني ضاق ضيقاً شديداً ليؤكد لنا معنى الضيق ففي الحرج معنى شدة الضيق ما لا يفيده لفظ ضيق وحتى نتصور هذه الهيئة وهذا الألم الذي يعانيه المرتقي عبّر لك عنه بقوله ﴿يَصَّعَّدُ﴾ ولم يقل يصعد لنلمس هذا التكلف في الصعود وأنه ليس بالسهل بل فيه كد ومشقة وكذلك قبول تكاليف الإيمان لمن أضله الله فيها كدٌ ومشقة لا تُحتمل له.

ﵟ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﵞ سورة الأنعام - 125


Icon