الوقفات التدبرية

*قال تعالى في سورة القصص (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى...

*قال تعالى في سورة القصص (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)) كيف يقتل موسى رجلاً يعد أن يؤتى العلم والحكمة؟(د.حسام النعيمى) أولاً عندما قتله لم يكن موسى  نبيّاً لأنه لما ناقشه فرعون أو جادله لما قال (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17)) قال (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19)) أي قتلت نفساً. هو يعرف ماذا فعل لكن لا يريد أن يثيرها. قال موسى  (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)) فالرسالة كانت بعد الفرار إذن هو لم يكن رسولاً مكلّفاً بالرسالة. كونه غير مكلّف جعل حياته ضلالاً كان ضالاً لأنه لم يكن يعرف أحكام التكليف. الضالّ هنا غير المكلّف أي ليس مكلّفاً بأحكام التكليف وليس بالمعنى الذي نفهمه الآن من فساد. لكن كان قبله أنبياء وكان يعرف بعض الأحكام بتغيراتها وبإنحرافاتها. لما ننظر في (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15)) ما معنى الوكز؟ في اللغة هو الضرب بجُمع اليد على الذَقّن وقيل على الصدر. الذي يضرب بيده على الذقن هل ينوي القتل؟ الذَقّن (بفتح الذال والقاف) وجمعه أذقان بوزن سبب وأسباب. إذن موسى  لم يكن ينوي القتل. لاحظ أبو حنيفة يُسأل أفي مُثقِل أو مثقَل قَوَد؟ المُثقِل إذا ضرب إنسان إنساناً بشيء ثقيل فهو مثقِل أو إذا كان هناك شيء ثقيل (إسم الفاعل وإسم المفعول) يعني يؤخذ به الضارب؟ يعتبر قاتل عمد؟ (قَوَد: قاتل بعمد). قا: لا، قال: فإذا كان ضخماً؟ قال: ولو ضربه بأبا قبيس ﴿جبل﴾. فموسى  ضربه لم يكن بنية القتل وغير متصور أن الضربة على الذقن تقتل لكنه يبدو كان من القوة وكان قوياً  بحيث أن الضربة أدّت إلى قتله فهو لم يكن ينوي قتله فهذا لا يختلف مع الحكمة أن الإنسان يكون حكيماً. لما شخص من شيعتك يقاتله شخص من عدوك ويستنجد بك يستغيثك أدركني يا فلان تحاول أن تعينه فأعانه موسى  فضربه من جمع يده فهذا لا يتناقض مع الحكمة وليس هناك منافاة. القرآن يستخدم الضرب والوكز الضرب يكون باليد المفتوحة، بعصا، بالسيف، الضرب له أنواع أما الوكز حصراً فيكون بجُمع اليد كما نستعمل كلمة لكم، الملاكم يضرب بجمع اليد لا نقول المضارب. ضربه إذا أراد أن يكون الكلام عاماً أنه حدث منه ضرب لكن هنا يريد أن يبيّن نوع الضرب (وكزه) ضربه على الذقن أو الصدر وغالباً تستعمل على الحنك أو الذقن.

ﵟ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﵞ سورة القصص - 14


Icon