الوقفات التدبرية

آية (20): *ما سبب التقديم والتأخير في آية سورة يس (وَجَاءَ مِنْ...

آية (20): *ما سبب التقديم والتأخير في آية سورة يس (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)) وسورة القصص (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ( 20))؟ د.فاضل السامرائى: الآية الأولى في سورة يس والأخرى في سورة القصص في قصة موسى عليه السلام. ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾ يعني هو فعلاً جاء من أقصى المدينة أي من أبعد مكان فيها. ﴿وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى﴾ ليس بالضرورة ذلك وإنما تحتمل هذا المعنى وغيره. تحتمل أنه فعلاً جاء من أقصى المدينة وتحتمل لا هو من سكان تلك الأماكن البعيدة لكن ليس مجيئه من ذلك المكان ليس بالضرورة. كما تقول جاءني من القرية رجال تعني أن المجيء من القرية، جاءني رجال من القرية أي قرويون هذا يحتمل معنيين في اللغة، هذا يسمونه التعبير الاحتمالي. هناك نوعين من التعبير تعبير قطعي وتعبير احتمالي يحتمل أكثر من دلالة والتعبير القطعي يحتمل دلالة واحدة. لما تقول جاءني رجال من القرية تحتمل أمرين الرجال جاءوا من القرية أي مجيئهم من القرية وجاءني رجال من القرية احتمالين أن المجيء من القرية وتحتمل أنهم رجال قرويون ولكن ليس بالضرورة أن يكون المجيء من القرية. كما تقول: جاءني من سوريا رجل يعني رجل سوري وجاءني رجل من سوريا ليس بالضرورة أن يكون جاء من سوريا، جاء من سوريا رجل يعني جاء من سوريا. وجاء من أقصى المدينة رجل يعني جاء من أقصى المدينة، أما جاء رجل من أقصى المدينة ليس بالضرورة فقد يكون من سكان الأماكن البعيدة، مكانه من أقصى المدينة لكن ليس بالضرورة أن المجيء الآن من ذاك المكان وقد يكون من مكان آخر.. سؤال: تعقيب الآية في سورة يس (قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)) أما في القصص فالتعقيب ﴿فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾؟ المجيء في سورة يس أهم لذا قال ﴿رجل يسعى﴾ جاء لتبليغ الدعوة وإشهار الدعوة وأن يعلن ذلك أمام الملأ مع أنهم كلهم ضد على أصحاب يس، على الرسل وهناك في القصص جاء ليسرّ في أذن موسى  كلاماً (إن الملأ يأتمرون بك). هذا إسرار أما ذاك فإشهار، ذاك تبليغ دعوة وهذا تحذير. في قصة يس أن القرية كلها ضد الرسل (إن لم تنتهوا) موسى لم يقل له أحد هذا. في يس كان إشهار الدعوة خطر على الشخص تحتاج إلى إشهار لكن عاقبتها خطر على الشخص. في القصص ليس كذلك لأنه ليس هناك ضد لموسى  فلما كان الموضوع أهم وإن موضوع الدعوة لا يعلو عليه شيء والتبليغ لا يعلو عليه شيء وهو أولى من كل شيء قال ﴿من أقصى المدينة رجل يسعى﴾ يحمل هم الدعوة من أقصى المدينة ويسعى ليس متعثراً يخشى ما يخشى وإنما وقال يسعى لتبليغ الدعوة وليس مجيئاً اعتيادياً هكذا لكنه جاء ساعياً. ذاك جاء ساعياً أيضاً لأمر مهم لكنه أسرّ إلى موسى  ولهذا جاء التقديم والتأخير بحسب الموضوع الذي جاء من أجله. فلما كان الموضوع أهمّ قدّم (جاء من أقصى المدينة) يحمل هم الدعوة. وفي الموضوع الآخر أخّر.وفي سورة يس ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾ تعني أنه جاء قطعياً من أقصى المدينة لأن مجيء صاحب يس كان لإبلاغ الدعوة لأن الرسل في السورة قالوا (وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {17}) والبلاغ المبين هو البلاغ الواضح الذي يعمّ الجميع فمجيء الرجل من أقصى المدينة تفيد أن الدعوة بلغت الجميع وبلغت أقصى المدينة ليتناسب مع البلاغ المبين. أما في سورة القصص في قصة موسى  (التعبير احتمالي) فالرجل جاء من أقصى المدينة للإسرار لموسى . سؤال: الجُمَل بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات، صفة رجل يس يسعى لذا عدد القرآن بعض أقواله ومناقبه أما رجل القصص؟ يحتمل أن شبه الجملة ﴿من أقصى المدينة﴾ أن يكون صفة و﴿يسعى﴾ صفة ثانية هو كونه من أقصى المدينة فتكون صفة، يحتمل أن الجار والمجرور صفة ويسعى صفة ثانية. كلمة يسعى بعد المدينة وبعد رجل، كلمة ﴿رجل﴾ كلاهما نكرة. جملة ﴿يسعى﴾ صفة في آية يس وفي القصص ﴿يسعى﴾ صفة للرجل وليست للمدينة. كلمة رجل في الحالتين نكرة فجملة يسعى في الآيتين صفة. يسعى صفة للرجل في الحالتين .

ﵟ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﵞ سورة القصص - 20

ﵟ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﵞ سورة يس - 20


Icon