الوقفات التدبرية

آية (43): *(وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ...

آية (43): *(وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) البقرة) ما الفرق بين الكتاب والفرقان؟ في سورة القصص (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)) لم يذكر الفرقان في هذه الآية وذكره في آية البقرة فلماذا؟(د.فاضل السامرائى) الفرقان هي المعجزات بالنسبة لموسى  كالعصى والفرقان بين الحق والباطل الذي يفرق بين الحق والباطل مثل العصى والمعجزات الأخرى وهي تسع آيات. الكتاب هو التوراة والفرقان هي المعجزات التي أوتيها موسى. لكن السؤال لماذا قال في الأولى الكتاب والفرقان وفي الثانية قال الكتاب فقط؟ قلنا السياق هو الذي يحدد. الأولى جاءت في سياق الكلام عن بني إسرائيل. لكنه قال (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) البقرة) أما الثانية فقال ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ﴾ من الذي شاهد الفرقان؟ شاهده بنو إسرائيل وفرعون الذين كانوا حاضرين لكن الناس الآخرين لم يشاهدوا هذا الشيء فلما قال بصائر للناس لم يقول الفرقان لأنهم لم يشاهدوا هذا الشيئ لكن لما خاطبهم قال ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ كان الخطاب لهم هم الذين شاهدوا فلما تكلم مع بني إسرائيل خصوصاً قال الكتاب والفرقان، لما قال بصائر للناس قال الكتاب، الفرقان ذهب وبقي الكتاب والكتاب بصائر للناس وكثير من الناس لم يشاهدوا هذه المعجزات الذين شاهدها هم الحاضرون والباقون لم يشاهدوها. هو يريد أن يركز لذلك يختار الكلمات بحيث المراد منها ففي قصة إبراهيم (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) الذاريات) قال مكرمين ولما قال مكرمين اقتضى أن يقول قال سلام رد التحية بخير منها وجاء بعجل سمين فقربه إليهم ولما قال (وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52) الحجر) لم يذكر أنه رد التحية ولم يذكر أنه جاءهم بعجل. فالمناسب للمكرمين أن يرد التحية ويأتي بطعام. لما قال مكرمين ذكر هذا الشيء ولما لم يذكر مكرمين لم يذكر هذا الشيء وسارت القصة في مقام آخر غير مقام الإكرام. مرة يقول بعجل حنيذ ومرة سمين لأن حنيذ غير سمين وإلا لماذا قال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ (29) ص)؟ إذا كان الكلام مجرد سرد فلماذا نتدبر آياته ومن أين يأتي التدبر ومن أين يستنبط؟! في كل قرن تأتي أمور لم يعلمها أهل القرن السابق.

ﵟ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﵞ سورة القصص - 43


Icon