الوقفات التدبرية

آية (57): * ورتل القرآن ترتيلاً : (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى...

آية (57): * ورتل القرآن ترتيلاً : (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)) أُنظر إلى هذه المعاذير التي تعلل بها المشركون، فهم يخشون على أنفسهم من الهلاك. وقد روي عن إبن عباس أن الحارث بن عثمان بن نوفل بن مناف وناساً من قريش جاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحارث: إنا لنعلم أن قولك حق ولكنا نخاف إن تبعنا الهدى معك وآمنا بك أن يتخطفنا العرب من أرضنا ولا طاقة لنا بهم وإنما نحن أكلة رأس (أي إن جمعنا يشبعه الرأس الواحد من الإبل وهذه الكلمة كناية عن القلّة). فهؤلاء اعترفوا في ظاهر الأمر بأن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الهدى. وقد عبّروا عن شدة خشيتهم من الأسر والأخذ بالقوة بقولهم ﴿نُتَخَطَّفْ﴾ ولم يقولوا نُخطَف لأن التخطف فيه مبالغة في الخطف والأخذ ويدل على الإنتزاع بسرعة. وهذه المبالغة في الخشية من الخطف ناسبها الاستفهام الإنكاري. فقد أعقب قولهم ﴿نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ الاستفهام بقوله ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾ لأن إنكارهم الأمن إقتضى توبيخاً على هذه الحالة التي تلبّسوا بها وهي حالة المُنكِر للأمن الذي كانوا يعيشون به وهو الحَرَم الذي مكّنهم الله داخله.

ﵟ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﵞ سورة القصص - 57


Icon