الوقفات التدبرية

*ما هو البرهان الذي أوقف يوسف عليه السلام في قوله تعالى (وَلَقَدْ...

*ما هو البرهان الذي أوقف يوسف عليه السلام في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ د.حسام النعيمى : هذه الآية فيها كلام تكلم فيها العلماء. الكلام الأول ليس عن البرهان وإنما عن الهمّ، هل حصل منه همّ أم لم يحدث؟ وما معنى الهمّ هنا؟ الذي نختاره في هذا  من كلامهم رحمهم الله تعالى ولا نريد أن نناقش الآراء جميعها.أن هنا من حيث اللغة هناك تقديم وتأخير. أنت تقول: لقد سافرت إلى العين لولا أن أبي جاءنا أمس. تعني لم أسافر لأن أبي جاء، وصول أبي منعني من الذهاب. ففي قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ حدث منها هذا الميل النفسي الإرادة النفسية نحوه. ﴿وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ لم يحدث منه همّ وفق اللغة. بناء اللغة يقول أنه إبتداء لم يحدث منه همّ. هم يقولون همّ بها ولكنه لم يفعل إشارة إلى بشريته وهذا ليس هكذا: هو إبتداء كان مترفعاً وهناك بشر عاديون يحصل معهم هذا فيترفعون عنه. برهان ربه هو الشريعة، هو الإحتكام إلى شرع الله سبحانه وتعالى. برهان ربه الذي رآه، هذا اللطف الذي أحاط به يوسف  من أول أيامه من أُلقي به في الجب وأوحى إليه تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15)) هو في الجبّ مطمئن هذا هو برهان من ربه، جعله في بيت كريم يكرمه، عرف شرع الله تعالى من أبيه فبرهان ربه هو معرفته بشرع الله سبحانه وهذا نبيّ كيف تتخيل أنه بدأت الوساوس تدخل في نفسه؟! بعضهم يقولون جاءه يعقوب فدفعه في صدره! ما هذا الكلام!؟ لغة العرب تقول ما حدث منه همّ أصلاً وهذا من رفعة شأنه  وهو نبي من أنبياء الله عز وجل. النعيمى:{{والبعض يقول أن الهمّ من يوسف بمعنى الحزن. نقول أن الهمّ هو أن يكون شيء في النفس يحمله على فعل ما. همّ به أي صار في نفسه شيء يحمله على فعل شيء ما قد ينفّذه وقد لا ينفّذه. لأن عندنا حديث: من همّ بحسنة ففعلها كتبت له حسنة إلى عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف ومن همّ بسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة (هذا من كرم الباري عز وجل) ومن همّ بسيئة ففعلها كتبت له سيئة. فالهمّ حديث النفس تحدّثه نفسه بشيء يريد أن يفعله.﴿لولا أن رأى برهان ربه﴾ لأنه هو رأى براهين ربه أولاً من معرفته بشريعة أبيه يعقوب، هو على شريعة والشريعة هي البرهان ﴿واتبعت ملة آبائي﴾ هو على شريعة، هو كان متّبِعاً لملّة آبائه وكان ملتزماً بقيَم ومُثُل ومبادئ الشريعة فهذا هو البرهان وهو برهان عند جميع الناس. ﴿كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلَصين﴾: إبتداء هذا الأمر ما حدث في نفسه وحاشا لهؤلاء أن يحدثوا أنفسهم بما لا يرضي الله سبحانه وتعالى. المعنى الدلالي لكلمة ﴿المخلَصين﴾: أي الذي أخلصه الله سبحانه وتعالى لطاعته ولذلك إبليس عليه لعنة الله في الدنيا والآخرة قال ﴿إلا عبادك منهم المخلَصين﴾ ونسأل الله سبحانه وتعالى دائماً أن يجعلنا من عباده المخلَصين. المخلِص هو الفاعل أي هو الذي أخلص لله والمخلَص أخلصه الله سبحانه وتعالى لطاعته.

ﵟ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﵞ سورة يوسف - 24


Icon