الوقفات التدبرية

آية (69): *قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا...

آية (69): *قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) مم برّأه الله تعالى؟ الآيات لا تقول لنا مم برّأه ولا ما الذي قالوه لكنها تدعوا المسلمين أن لا يكونوا كهؤلاء الذين آذوا نبيّهم. أي يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا محمداً بشيء، أي نوع من الإيذاء، وذكّرهم أن موسى آذاه قومه فبرّأه الله من هذا الأذى فهو نهي عن إيذاء محمد . لم يحدثنا ما هو. عندنا روايات في الكتب: يمكن أنهم قالوا له "اذهب أنت وربك فقاتلا"، أو عندما عبروا وقالوا "اجعل لنا إلهاً: وهذا أشد إيذاءً. هم مشوا على أرض وكانت الأرض مغطاة بماء بأمر الله سبحانه وتعالى وبمجرد أن خرجتم يا بني إسرائيل رأيتم أناساً يعكفون على أصنام لهم أردتم صنماً تعبدونه؟!، هذا أذى. هناك روايات أخرى بعضها يذكر أربع صور من الأذى مختلفة قيل كذا وقيل كذا، أشاعوا عنه شيئاً يتعلق ببدنه وهذا كلام لا ينفعنا لكن المهم أن المؤمنين منادون بأحب الأسماء إليهم ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أن لا يرتكبوا ما يؤذي رسول الله  فالمسلم يتفكر إلى قيام الساعة أنه هل كلامي هذا أو فعلي هذا يؤذي رسول الله ؟ لأن الرسول  يقول: إني مباهٍ بكم الأمم، مفاخرٌ بكم الأمم، هل هذا العمل يؤدي إلى إيذائه ؟ إن كان يؤدي إلى ذلك يفترض أن لا أفعله. سؤال: هل هناك مواءمة دلالية بين برّأ وآذى؟ التبرئة من هذا الأذى كما قالوا (أنا برءاء منكم) أي بريئون من هذا الذين تفعلونه، نحن خارج هذه المنظومة، خارج هذا الإطار فهؤلاء قالوا كلاماً، موسى ما سمع هذا الكلام أخرجه الله من هذا الإطار، جعله الله تعالى بريئاً مما قالوا وأقوالهم المؤدية متعددة وليست قولاً واحداً والله سبحانه وتعالى لطف بهم كثيراً جلّت قدرته لأنهم كانوا في زمانهم أتباع الرسول المرسل فلطف بهم مع أنه عاقبهم في التيه لما اتخذوا العجل بمجرد أن غادرهم موسى ﴿هذا إلهكم وإله موسى﴾. سؤال: ما القيمة التعبيرية في استعمال إسم الموصول ﴿الذين﴾ في ﴿كالذين آذوا موسى﴾؟ لم يقل كبني إسرائيل مثلاً؟ هذا فيه نوع من الابعاد لهم فلو ذكرهم لقرّبهم. عندما يخاطبهم أو يبكّتهم أو يدعوهم أو يذكرهم في الأحكام الشرعية يقول: يا بني إسرائيل، لكن هنا في موطن الأذى لا يستحقون الذِكر فقال ﴿لا تكونوا كالذين آذوا موسى﴾ الإعراض عن ذكر اسمهم مقصود. وتكون أيضاً مواءمة بين ﴿الذين آمنوا﴾ و(الذين آذوا) كما قال في سورة يوسف ﴿وراودته التي هو في بيتها﴾ الاستعانة بإسم الموصول لأداء هذا الغرض البلاغي.

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ﵞ سورة الأحزاب - 69


Icon