الوقفات التدبرية

ما اللمسة البيانية في ذكر (أن)في آية سورة القصص وما دلالتها مع أنها...

ما اللمسة البيانية في ذكر ﴿أن﴾في آية سورة القصص وما دلالتها مع أنها لم ترد في في قصة لوط آية سورة هود وكذلك في آية سورة يوسف؟(د.فاضل السامرائى)  ﴿أن﴾ هذه عند النُحاة زائدة إذا وقعت ﴿أن﴾ بعد لما فهي زائدة أي لا تؤثر على المعنى العام إذا حُذفت.  لكن الملاحظ هو قوله تعالى (فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19)) فصل بين الفعل وبين ﴿لمّا﴾ (ومعنى لمّا أي في الوقت الذي قرر فيه وقسم يرى أنها حرف وقسم يرى أنها ظرف لكن هي زمنية وتُسمى حينية أي حينما) نلاحظ أنه فصل بين بين لمّا والفعل وهذه الظاهرة موجودة في القرآن وهي في الآية في سورة القصص تدل على أن موسى  لم يكن مُندفعاً للبطش فجاءت ﴿أن﴾ للدلالة على أنه لم يكن مندفعاً وللدلالة على الفاصل في الزمن وهي ليست كالحالة الأولى (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15)) استخدم الفاء للدلالة على الترتيب والتعقيب أما في هذه الآية فدلّت على التمهل والتريث.. في قصة يوسف: في سورة يوسف (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96)) ذكر ﴿أن﴾ مناسب لقوله تعالى (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)) الآن يعقوب  في حالة ترقّب وانتظار ففصل بينهما مناسباً لحالة الشعور بالانتظار والترقب التي كان عليها يعقوب  وهذه الحالة لاحظها القدماء فقالوا أن هذا الفصل لأنه كان ينتظر ويترقب ولا شك أن الشعور بالوقت يختلف من إنسان إلى إنسان بحسب الظروف التي هو فيها ويعقوب  كان يستطيل الوقت ففصل بينهما. ففصل بين لمّا والبشير إشارة إلى طول المدة. أن للإطالة ويقولون للتوكيد لكن التوكيد له مواطن عندهم والقياس أن تُزاد ﴿أن﴾ بعد ﴿لمّا﴾ إن شئت أن تأتي بها فلا حرج ويقولون إنها زائدة والزيادة للتوكيد في الغالب مع أنها ليست بالضرورة للتوكيد فالزيادة لها أغراض فقد تكون تزينية أو زيادة لازمة أو تكون لأمور أخرى منها التنصيص على معنى معين وهي كلها أمور نحوية.

ﵟ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﵞ سورة يوسف - 96


Icon