الوقفات التدبرية

*ما الفرق بين قوله تعالى (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ...

*ما الفرق بين قوله تعالى (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿72﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾ الزمر) (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿104﴾ يونس)؟ (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿72﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾ الزمر) (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿104﴾ يونس) وهكذا وما بينها من فروق بحروف. أبيّن الفرق بين ﴿أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ و ﴿أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ و ﴿لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ حروف مختلفة ولكنها تختلف في المعنى تماماً. إذاً نتكلم عن هذه المتشابهات في هذه الآية التي يخاطب الله بها رسوله: مرة يقول لرسوله الكريم ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ وراءها يقول له في الزمر (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴿11﴾ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾) أدخل ﴿لأن﴾ هذه جديدة غير الآيات الأخرى ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ وهذه هي أقوى الدلالات التي تترأس جميع الآيات الأخرى. في الأنعام (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿163﴾) هنا أول المسلمين، وفي يونس (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿104﴾) هذه المرة ﴿من المؤمنين﴾ . لكي نعرف ما الفرق بين هذه الآيات لماذا ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ﴿أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ﴿لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لا بد أن نعرف العلاقة، الطريق إلى الله ما هي مراحل الوصول إلى الله؟ كلنا في الطريق إلى الله ولكن الطريق إلى الله يختلف المسافرون فيه من حيث قوتهم وشجاعتهم ووسائل سفرهم في ناس تركب حمار في ناس تركب جمل في ناس تركب سيارة ناس تركب طيارة تصل في يومين وفي ناس يذهبون مشياً الكل سيصل لكن متفاوتون في الوصول ما هي المراحل التي ينبغي على المسلم أن يسير فيها لكي يصل في النهاية إلى الله عز وجل؟ هذه المراحل هي الإسلام القولي أولاً، الإيمان العام ثانياً، الإيمان الخاص ثالثاً، التقوى رابعاً، الإسلام المطلق خامساً والإسلام المطلق وأنت لاحظ أن الطريق إلى الله يبدأ بالإسلام وينتهي بالإسلام بدايته إسلام ونهايته إسلام. البداية إسلام بالقول قل لا إله إلا الله (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴿14﴾ الحجرات) يعني قلت لا إله إلا الله (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) حينئذٍ الإسلام الطريق الأول الابتدائي الذي يبدأ المسلم طريقه فيه إلى الله بشكلٍ صحيح هو الإسلام سواء كنت مسيحياً أو يهودياً أو نصرانياً أو صابئياً. الإسلام أولاً يعني أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هذا عنوان الدخول إلى الطريق إلى الله، إلى الطريق الصحيح إلى الله إذا قلت هناك إله آخر، هناك بديل يقرب إلى الله زلفى أنت لست مسلماً وأنت خاطئ ولن تصل وليس هذا طريقك. من أجل هذا الطريق الأول أن تسلم بلفظك بقولك أنا أؤمن بأن الله واحد لا شريك له وهذا لا يحاسب على ما في قلبه وعلى فعله بل يحاسب على لسانه (إذا قالوها عصموا مني) قال له (أشققت عن قلبه؟) إذا قال الإنسان لا إله إلا الله حينئذٍ هذا الرجل أعلن أنه موحدٌ لله عز وجل ولا يعبد إلهاً غير الله وهذه هي القضية المركزية لهذا الكون كله. ما من نبيٍ إلا أنزل الله قل لقومك أن يعبدوا الله وحده لا شريك له هكذا هذه البداية ولا يوجد بداية غيرها. لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبك نحن لا يعنينا أن يكون قلبك مصدقاً فيها هذه (مصدقاً بها قلبك) يوم القيامة نحن فقط إذا قلتها بلسانك أيّ واحد يقول لا إله إلا الله قد عصم دمه ونفسه وماله وأخذ كل الحقوق وأصبح واحداً من الأمة ولا يمكن لأحد أن يقول له ثلث الثلاثة كم؟ بأن يقول قول (إذا قالوها) من أجل هذا هذه الخطوة الأولى رجلك على أول الطريق أن تقول أنا لا أعبد أصنام ولا أعبد كذا ولا أشرك بالله أحداً إلهي وربي واحدٌ لا شريك له (قل لا إله إلا الله) هذا هو المفتاح للطريق كله هذا هو الإسلام الأول الإسلام اللفظي الإسلام القولي. وفي النهاية سوف ترى أن كل ما وراء ذلك يترتب على هذه المقولة ويأتي عليها تباعاً بمراحل كما الابتدائية والمتوسطة وثانوي وكلية وجامعة ودكتوراه والخ. البداية الابتدائي من دون الابتدائي لا يمكن أن تصل لا يمكن أن تقفز رأساً للثانوي أو الكلية لا بد من الابتدائي. الابتدائية في الإسلام ﴿لا إله إلا الله﴾ إذا قلتها بلسانك تكتسب جميع الحقوق وما من حق أحد أن يقول أنت كاذب أبداً والنبي صلى الله عليه وسلم رأى واحداً قتل واحداً بالقتال وكان ذلك المشرك يقاتل قتال المستبسلين فلما صرعه المسلم وأوشك أن يهوي عليه بالسيف قال لا إله إلا الله لكن هذا السيف سبق وقتله فغضب عليه النبي غضباً شديداً قال له( أقتلته وقد قالها؟!) وكررها حتى خاف المسلم فقال (يا رسول الله إنما قالها فرقاً من السيف) خوفاً من السيف قال (أشققت عن قلبه؟) يا الله! دستور ما يقبل خطأ هذا ما فيه احتمال ولا شبهة ولا اشتباه ولا اجتهاد إذا قال لا إله إلا الله كُفّ عنه (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴿94﴾ النساء) هذا الخطوة الأولى الإسلام القولي. بعدها تأتي الخطوة الثانية وهي الإيمان وهو إيمان عام (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ﴿14﴾ الجن) إسلام قولي ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ ماذا قال فرعون وهو يغرق؟ (قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿90﴾ يونس) (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ﴿2﴾ الحجر) هذا الإسلام القولي مقابل الكفر، كفر وإسلام كفر وإسلام، كفر يعني يقول لك أنا لا أعبد الله وإسلام يقول - وليس يعتقد - يقول فنحن لا يعنينا ماذا في قلبه يقول أنا أعبد الله وحده لا شريك له إذا صار هذا القول تصديقاً صار إيماناً. الفرق بين الإسلام والإيمان هو هذا، الإسلام يتطور حتى يصبح مصدَّق مصدق أن يكون دخل بلسانه ثم قرأ وقال والله أبداً لا إله إلا الله فعلاً والله هو الخالق الرازق وما في غيره ولا أشرك به شيئاً وكل ما عداه باطل، اقتنع صار مؤمناً عاماً هذا الذي صار مؤمناً عاماً الله قال (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴿25﴾ البقرة) كلما تقرأ ﴿آمنوا وعملوا الصالحات﴾ هذا الذي كان مسلماً بلسانه صدق قلبه واعتقد ثم صدق بقلبه وصار عملي يؤدي الصلوات ويؤدي الزكاوات صار مؤمناً عاماً دخل في دائرة الإيمان لكن بدون رتبة، يعني أنت في الجيش لكن بدون رتبة لكنك في الجيش أصبحت مقبولاً (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿82﴾ البقرة) (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿45﴾ البقرة) يعني هذا خطاب لشخص مصدق روح صلي روح صوم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴿183﴾ البقرة) (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴿103﴾ النساء) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ﴿254﴾ البقرة) كل العبادات التي تترتب على الإسلام بدأ هذا الذي أسلم بلسانه يعتقد بأن ما يفعله صحيحاً وأن عليه واجبات فهذا فدخل في حظيرة الإيمان العام صار من ضمن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ﴿200﴾ آل عمران) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴿135﴾ النساء) يعني الحلال والحرام يعني هذا الرجل آمن بقلبه وبدأ يعمل الحلال والحرام هذا مؤمن عام. إذاً المرحلة الأولى الإسلام القولي والمرحلة الثانية انتقال إلى الإيمان بالتصديق والعمل هذا المؤمن العام يترقى حتى يصير مؤمناً خاصاً إتباعه للنبي إتباعاً واضحاً (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴿31﴾ آل عمران) كيف نعرف هذا؟ إذا امتدحه الله في الكتاب العزيز. رب العالمين امتدح شرائح من المؤمنين مدحاً عظيماً وأعطاك مواصفاتهم، أعطى مواصفاتهم حينئذٍ هذا المؤمن الخاص الذي يبدأ تعامله مع النبي  تطبيقاً من الآن رجلاً يتبع ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ إتباع مع ورع وحينئذٍ هذا صار من الوجهاء من المقدّمين في الطريق إلى الله في النهاية إذا استمر سيصل إلى أعلى الدرجات.

ﵟ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﵞ سورة الزمر - 12


Icon