الوقفات التدبرية

*لماذا استعمل القرآن كلمة سيق للكافرين وللمؤمنين في سورة...

*لماذا استعمل القرآن كلمة سيق للكافرين وللمؤمنين في سورة الزمر؟ قال تعالى في سورة الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ {71}) و (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ {73}) ليس غريباً أن يُؤتى بفعل يشمل الجميع فكل النفوس تُساق بدون استثناء كما في قوله تعالى (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ {21} سورة ق) لكن المهم أين يُستق كل مجموعة والجهة التي تساق إليها. إذن كلهم يساقون لكن المهم جهة السوق فهؤلاء يُساق بهم إلى الجنة وهؤلاء يُساق بهم إلى النار تماماً كما يستعمل القرآن كلمة ادخلوا فهي تقال للجميع لكن المهم أين سيدخلوا الجنة أو النار، وكلمة خلق أيضاً عامة للجميع وكذلك كلمة الحشر. فليس المهم لفعل وإنما متعلّق الفعل. *(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) مريم) وفي سورة الزمر وردت كلمة سيق للكافرين والمؤمنين (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73)) فما دلالة تغير الفعل في آية مريم واستخدام نحشر ونسوق؟ (د.فاضل السامرائى) أولاً ما الفرق بين الحشر وسيق؟ نحشر معناه نجمع، الحشر من معانيه الجمع (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) النمل) (فَحَشَرَ فَنَادَى (23) النازعات) (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ (111) الأعراف) الحشر له معاني. إذن معنى حشر جمع ربنا قال يوم الجمع يوم الحشر ويأتي بمعاني أخرى لكن المعنى المشهور جمع. السَوْق ليس بالضرورة جمع فقد تسوق واحد أو اثنين أو أكثر. هناك قال (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)) الوفد لا بد أن يكتمل أفراده، إذن هو بعد الاكتمال يصير الحشر، الوفد يجب أن يكتمل. أما في الزمر قال (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73)) إذن ليسوا مجموعين، الزمر يعني جماعات جماعات، الزمرة الجماعة، زمراً يعني جماعات جماعات ليسوا وفداً مجموعين إلى أن يكتملوا فيصيروا وفداً فيحشرهم. يعني الذين اتقوا سيصبحوا زمراً لأنهم ليسوا بدرجة واحدة فيُساقون زمراً حتى إذا اكتملوا حُشِروا وفداً يصيروا وفداً الزمر ليس وفداً لا بد أن يكتمل. في مريم قال ﴿إلى الرحمن﴾ وليس إلى الجنة أما في الزمر فقال إلى الجنة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73)) الوفد للإكرام هذا بعد الحساب بعد أن يساقوا زمراً إلى الجنة يذهبون وفداً إلى الرحمن تكريماً لهم. مرحلة بعد مرحلة لا يصح أن نضع واحدة مكان أخرى، لا يجوز، الوفد لا بد أن يُجمَع فقال يحشر والسَوْق للزمر اكتمل هؤلاء المتقون يجمعهم فيحشرهم فيُذهَب بهم إلى الرحمن وفداً. هم بداية زمر جماعات سيقوا إلى الجنة اجتمعوا هناك فكوّنوا وفداً فحشروا إلى الرحمن. كل كلمة لها دلالتها. سؤال: إذن كل كلمة فيها ملمح دلالي خاص بالمقام السياقي الذي يود الله تبارك وتعالى التعبير عنه؟. طبعاً. الاختيار لا يمكن أن يكون غير ذلك، من له معرفة بالبيان لا يمكن أن يختار غير ذلك. لا يجوز أن يقال وسيق الذين اتقوا إلى الرحمن وفداً سؤال: هل العرب كانت تفهم وتميز بين كلمة وأخرى في تحديد دلالة معينة داخل السياق أم خذخ خصيصة من خصائص القرآن الكريم؟ فرق بين الإدراك والفهم وبين القدرة والمُكنة على الفعل بمثله، أنت ترى صنعة تعجبك لكن ليس باستطاعتك أن تعمل مثلها. سؤال: هم يفهمون لكن لا يستطيعون أن يقولوا مثل هذا الكلام وهم أصحاب بيان وبلاغة لكن كل واحد على قدر ما أُوتي حتى تصل إلى المنتهى. سؤال: من خلال اطلاعكم على التراث البياني والبلاغي في اللغة العربية ألم يثبت أن أحداً من الكفار وقت الرسول (صلى الله عليه وسلم) اعترض على كلمة من القرآن الكريم؟ أبداً والذين يعترضون اليوم لأنهم بين أمرين الجهل والحرب المقصودة قصداً. *لماذ حذف كلمة ربهم في قوله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71)) في سورة الزمر وذكرها مع الذين اتقوا؟ (د.حسام النعيمى) ذكر ربهم مع الذين اتقوا ولم يذكرها مع الذين كفروا يتعلق بالحذف والذكر . في هذه الآية من سورة الزمر ذكر تعالى الذين كفروا عندما يساقون الى النار فهؤلاء لا يستحقون أن يرد معهم اسم الله سبحانه وتعالى فضلاً عن أن يذكر اسم الرب ﴿ربهم﴾ الذي يعني المربي والرحيم العطوف الذي يرعى عباده فلا تنسجم كلمة ربهم هنا مع سوق الكافرين الى جهنم وعدم ذكر كلمة ربهم مع الذين كفروا هو لسببين الأول أنهم يساقون الى النار وثانياً أنهم لا يستحقون ان تذكر كلمة ربهم معهم فلا نقول وسيق الذين كفروا ربهم الى جهنم لأن كلمة الرب هنا :ان فيها نوع من التكريم والواقع أنه كما قال تعالى ﴿فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا﴾ لكن مع المؤمنين نقول ﴿وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة﴾ ذكر كلمة ربهم هنا تنسجم مع الذين اتقوا. وفعل كفر يتعدّى بنفسه أو بحرف الجر وهنا لم يتعدى الفعل وهذا يدل على اطلاق الذين كفروا بدون تحديد ما الذي كفروا به لتدل على أن الكفر مطلق فهم كفروا بالله وبالايمان وبالرسل وبكل ما يستتبع الايمان.. ﴿وسيق الذين كفروا الى جهنم زمراً﴾ لم تذكر كلمة ﴿ربهم﴾ لأن الربوبية رعاية ورحمة ولا تنسجم مع السوق للعذاب ولا يراد لهم أن يكونا قريبين من ربهم لكنها منسجمة مع سوق الذين اتقوا ربهم الى الجنة فهي في هذه الحالة مطلوبة ومنسجمة. كلمة الرب فيها نوع من التكريم فلا تذكر مع الكافرين لكن مع المؤمنين تكون مطمئنة ومحببة اليهم ﴿وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا﴾ . وقد وردت كفروا ربهم في مواطن أخرى في القرآن لكن في هذا الموقع لم ترد لأنه لا تنسجم مع سوق الكافرين الى النار ولا بد أن ننظر في سياق الآيات فقد قال تعالى ﴿ورتل القرآن ترتيلا﴾ والترتيل في القرآن ليس هو النغم وإنما النظر في الآيات رتلاً أي آية تلو آية متتابعة لأنها مرتبطة ببعضها فإذا اقتطعت آية من مكانها قد تؤول وتفسّر على غير وجهها المقصود لكن إذا أُخذت في داخل سياقها فستعطي المعنى المطلوب الذي لا يحتمل وجهاً آخر. والبعض يتداول آيات خارج سياقها فتعطي معنى وفهماً غير دقيق للآية ولو أُخذت الآيات في سياقها لفهمناها الفهم الصحيح ولذا يجب أخذ الآيات في سياقها. *ما دلالة ذكر الواو مع الجنة في الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر) وعدم ذكرها مع أهل النار (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71))؟(د.فاضل السامرائى) أولاً قال ربنا أن النار عليهم مؤصدة يعني أبوابها مغلقة سجن والسجن لا يُفتح بابه إلى لداخل فيه أو خارج منه، إذن جهنم مغلقة أبوابها (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) الهمزة) لا تفتح إلا إذا جاؤوها لذلك قال (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71)) لأنها كانت مغلقة. الجنة مفتحة أبوابها ليست مغلقة (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ (50) ص) ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ الواو هنا حاليّة جاؤوها في هذه الحالة جاؤوها وقد فتحت أبوابها حال كون أبوابها مفتحة ﴿مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ﴾. بدون واو (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71)) معناها أن الأبواب مغلقة وحتى لا تتبدد الحرارة أما في الجنة فأبوابها مفتحة. حتى في الحديث الذي يخرج من النار ويرى أهل الجنة منعمين إذن هي مفتوحة وإلا كيف يراهم؟ وأهل الأعراف يرونهم. لذا قال ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾. الأمر الآخر ذكر جواب الشرط ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾، في أهل الجنة لم يذكر جواب الشرط (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)) هنا جواب الشرط محذوف للتفخيم وأحياناً يحذف فعل الشرط للتفخيم والتعظيم سواء كان في العذاب أو في الإكرام (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد) المشهد أكبر من الحديث وحتى في كلامنا العادي نقول: والله لئن قمت إليك وتسكت، أنت تريد ألا تكمل حتى لا يعلم السامع ماذا ستفعل لأنه لو ذكرت أمراً معيناً لاتّقاه وتهيأ له فهذا من الهويل وهنا نفس الشيء (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)) هذه كلها عطف ولا تجد جواب الشرط مطلقاً فحذف جواب الشرط لتفخيم وتعظيم ما يلقونه لأن ما يلقونه يضيق عنه الكلام يعني اللغة الحالية الآن لا تستطيع أن تعبر عما يجدون، تضيق عنه (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) إذن ما يجدونه أكبر من اللغة ولا تستطيع اللغة أن تعبر عنه. الجواب هناك، الجواب ما تراه لا ما تسمعه. *ربما يتبادر إلى الذهن أن الفعل في بداية الآيتين واحد والمشهد ربما يكون واحد هنا سوق وهنا سوق والملائكة تسوقهم جميعاً فلماذا لم يستخدم صيغة مختلفة مع أهل الجنة غير فعل سيق؟ نلاحظ رب العالمين هنا حاكم وقال (وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)) كلها هكذا ﴿وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾. * هل اللغة تألف حذف جواب الشرط؟ (د.فاضل السامرائي) طبعاً. حذف الجواب له أكثر من موضع إما أن يكون معلوماً يعني حُذِف للعلم به، مثلاً (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى (31) الرعد) ما ذكر ما الذي يحدث، هذا في القرآن كثير أحياناً يأتي لمجرد العلم وأحياناً للتفخيم تفخيم الحدث. يعني إما تعظيم له أو نحو ذلك (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ (12) السجدة) ليس هنالك جواب كأنه إذا رأيت أمراً عظيماً لا تعبِّر عنه. (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الأنفال) ماذا سترى؟ لو تراهم يضربون ماذا سيكون؟ لم يذكر. من ذلك هذه الآية التي كثرالسؤال عنها (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (73) الزمر) بينما في آية النار (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71) الزمر) فجعل جواب الذين كفروا قال ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ كان الجواب ﴿فتحت أبوابها﴾ معناها أن الأبواب مغلقة وهي سجون (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) الهمزة) قال ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾. في الجنة ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ هذه حتى إذا جاؤوها والأبواب مفتّحة، ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ الأبواب مفتوحة وليست موصدة لكن ما الجواب؟ جواب الشرط محذوف. هذه الواو عاطفة، ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ ليس هنالك جواب. فقالوا حذف الجواب للتعظيم لأن اللغة لا تستطيع أن تعبّر عما أعده الله سبحانه وتعالى لهم من الكرامة. يعني إذا رأيت أمراً عظيماً تعجز اللغة عن التعبير عنه، اللغة الموجودة عندنا لا تستطيع أن تعبّر، الكرامة التي الله سبحانه وتعالى جعلها لهؤلاء أكبر من اللغة، أوسع من اللغة فحذف جواب الشرط للتعظيم وتفخيم المسألة، يعني الجواب هناك أما اللغة فلا تستطيع أن تعبر. فقالوا الحذف للتفخيم. وممكن أن يكون الحذف لأمر آخر أنهم إذا قيل لهم سكتوا وما أجابوا. أحياناً يقول لك أحدهم شيئاً لا يعجبك فلا تجيب عنه، إعراض. أعرضوا أو يمكن أن هذا الكلام لا يعجبهم فلا يجيبون. * ما دلالة استخدام ﴿ما﴾ او حذفها في قوله تعالى (حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم(20)فصلت) وقوله (حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها(71)الزمر)؟(د.فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة فصلت (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {20}‏) وهذا من غرائب الأمور أن يشهد السمع والبصر والجلود على الناس ولذا اقتضى استخدام ﴿ما﴾ للتوكيد)، أما في سورة الزمر فقد جاءت الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ {71}) وهنا الأمر عادي إذا جاءوا فُتحت الأبواب. *ما الفرق بين يتلون عليكم آيات ربكم ويقصون عليكم في الآيات (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ (71) الزمر) (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا (130) الأنعام)؟(د.فاضل السامرائى) آية الأنعام (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا (130)) في الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا (71)) تشابه كبير. القصة الخبر، يقصّ يُخبر، قصّ عليه الخبر أورده. تلا يعني قرأ، تلوت القرآن، التلاوة تكون لنص يُقرأ سواء عن حفظ أو عن كتاب يجب أن يكون هناك نص لتكون هناك تلاوة أما القصة فقد تكون مكتوبة نصاً أو يكون من غير نص مشافهة سواء من كتب أو من غير. أما التلاوة فلا بد أن يكون هنالك نص حتى تكون تلاوة في اللغة سواء النص عن حفظ أو من كتاب، أما القصة فقد تورد له الخبر (فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ (25) القصص) القصة قد تكون من صحف أو عامة. أيّ الأعمّ قصّ أو تلا؟ قصّ أعمّ من تلا، تلا مقيّد من كتاب أما قصّ فقد يكون من كتاب أو من غير كتاب إذن قصّ أعمّ. ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾ سواء الرسل كان عندهم كتب أو ليس عندهم كتب كلهم أصحاب رسالة لكن ليس عندهم كلهم كتب وإنما بلغوا مشافهة إذن كلمة ﴿يقصون﴾ تشمل الرسل الذي أرسل عليهم كتب والذين لم ينزل عليهم كتب، قال تعالى صحف إبراهيم وموسى والتوراة والزبور والقرآن والإنجيل. إذن يقصون شملت من أنزل عليه كتاب ومن لم ينزل عليه كتاب أما تلا فشملت من أنزل عليهم الكتاب فقط. إذن قصّ أعم تشمل جميع الرسل أما تلا فتخص من أنزل عليهم الكتاب فقط، لماذا وضع كل واحدة في مكانها؟ (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا (130)) الخطاب موجه من الله تعالى لكل الجن والإنس قبلها قال (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)) لم يستثني أحداً إذن شمل الكل سواء مبلّغ له كتاب أو ليس له كتاب. أما في الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71)) هذه زمرة، هؤلاء قسم قليل من أولئك، أما آية الأنعام فشملت كل الإنس والجن. فلما كانت زمرة قال ﴿يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ﴾ هم زمرة أقل، أما آية الأنعام فللجميع، فلما خصص المجموعة خصص بالتلاوة ولما عمم الإنس والجن عمم الرسالة فقال ﴿يقصون﴾. لا نفهم أن هذه مجموعة محددة وصل إليها نبي بكتاب؟ قد يكون، زمر تأتي زمرة مثلاً من اليهود أو النصارى أو من أصحاب الكتب هؤلاء عندهم كتب ﴿يتلون عليكم﴾، جماعة من كفرة المسلمين، زمرة من هؤلاء كانوا يستمعون القرآن كان يقرأ عليهم كتاب. هذا التعميم يحتاج إلى تعميم والتخصيص يحتاج إلى تخصيص. *ما الفرق بين سلام والسلام ؟ السلام معرفة والمعرفة هو ما دلّ على أمر معين، وسلام لك والأصل في النكرة العموم إذن كلمة سلام عامة وكلمة السلام أمر معين. لما نقول رجل يعني أيّ رجل ولما نقول الرجل أقصد رجلاً معيناً أو تعريف الجنس. الأصل في النكرة العموم والشمول. إذن ﴿سلام﴾ أعم لأنها نكرة وربنا سبحانه وتعالى لم يحييّ إلا بالتنكير في القرآن كله مثل (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى (59) النمل) (سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) الصافات) (سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) الصافات) (سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) الصافات) حتى في الجنة (سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58) يس) حتى الملائكة (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر) ربنا تعالى لم يحييّ هو إلا بالتنكير لأنه أعم وأشمل كل السلام لا يترك منه شيئاً. (سلام عليه) هذه تحية ربنا على يحيى والآية الأخرى عيسى سلم على نفسه وليس من عند الله سبحانه وتعالى، سلام نكرة من قبل الله تعالى والسلام من عيسى وليس من الله تعالى والتعريف هنا ﴿السلام﴾ أفاد التخصيص. ويقوون تعريض بالذين يدعون أن مريم كذا وكذا فقال ﴿والسلام علي﴾ رد على متهمي مريم عليها السلام.

ﵟ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﵞ سورة الزمر - 71


Icon