الوقفات التدبرية

*(إنّ هذان لساحران) لماذا جاءت هذان مرفوعة بعد إنّ؟(د.حسام...

*﴿إنّ هذان لساحران﴾ لماذا جاءت هذان مرفوعة بعد إنّ؟(د.حسام النعيمى) هاهنا مقدمة قبل أن نخوض في الإجابة عن السؤال: نحن عندما يرد إلينا كلام لعربي فصيح نحاول أن نجد له توجيهاً لأن أحدث النظريات اللغوية تقول: "إبن اللغة له القدرة على أن يكوّن من الجُمل ما لا حصر له وله القدرة على أن يحكم بأصولية أي جملة في لغته وعدم أصوليتها" معناه هو يتكلم هكذا فكلامه كله محترم ومقبول هذا كلامه. لما نسمع كلام العربي نحاول أن نجد له توجيهاً إما أن يكون موافقاً لكلام عموم العرب وإما أن يكون له حكمة خاصة أو حالة خاصة. إلى متى كلام العرب يؤخذ به للإستشهاد ؟ أوقف العلماء الإستشهاد إلى الوقت الذي اختلط الناس وصار العربي يتعلم العربية في الكُتّاب يعني في حدود 150 للهجرة، يقولون آخر من كان يحتج به إبن هرمة الشاعر المتوفى سنة 150 للهجرة كان آخر من يحتج به، بعض العلماء بقوا يسافرون إلى القبائل (هذا في المدن) ويسمعون منهم وفي هذه المرحلة في مرحلة السفر إلى القبائل توقف الأخذ من قريش لأن قالوا قريش اختلطت فما عاد أحد من العلماء يذهب إلى قريش وصاروا يذهبون إلى البوادي، لما بدأوا يجمعون اللغة وجدوا أن قريشاً قد اختلطوا وفسدت ألسنتهم فصاروا يأخذون من تميم ومن هذيل ومن أسد ومن كنانة الذين في البادية. بعض العلماء بقي إلى فترة نحن عندنا في القرن الرابع لكن كانوا يمتحنون أفراداً يرى هل فسد لسانه؟ يقولون لان جلدك يا فلان أي صار حضرياً جلدك صار ليناً لم يعد بتلك الخشونة فلا يأخذون منه. إبن اللغة يؤخذ من لغته. أي شخص يشكك في لغة العرب الآن فقد جانب الصواب لأن اللغة وضعت بناء على دراسات وأولاً القرآن جاء محفوظاً من عشرات الألوف من الناس بقراءاته المختلفة فأخذوا منه، الشعر العربي جُمِع، لما يأتي قول الشاعر العجير السلولي توفي عام 90 للهجرة وقوله هذا من شواهد سيبويه وسيبيويه إذا استشهد بشيء يؤخذ، القصيدة طويلة يقول فيها: إذا مِتُّ كان الناس صنفان شامتٌ وآخر مُثنٍ بالذي كنت أصنعُ يعني سيكون الناس بالنسبة لي صنفين، سيبويه قال هنا قوله صنفان يعني إذا مت كان الحال "الناس صنفان" مبتدأ وخبر، كان فعل ناقص إسمها محذوف يعود إلى الشأن (الناس صنفان) في محل نصب خبر كان. لما يأتي شاعر آخر صاحب الخزانة: إذا اسودّ جُنح الليل فلتأت ولتكن خطاك خفافا إن حرّاسنا أُسدا لم يقل أسدُ فقال هذا عربي يستدل بلغته إذن لما قال أُسدا معنى ذلك يوجّه أن حراسنا تجدهم أو تلقاهم أُسدا، هكذا التوجيه. يقدر له هكذا لأن العربي لا يخطئ في لغته فيوجّه. كان يستطيع الشاعر في البيت الأول أن يقول صنفين لكنه أراد أن يقول صنفان لأنه يريد أن يقول كان الأمر أو الشأن أو القضية الناس صنفان كأنه أرادها أن تكون كتلة لوحدها الناس بشأني صنفان ثم أدخل كان ليجعل هذا في ما مضى أن حقيقة الأمر سيكون هكذا. ﴿إن هذان لساحران﴾ لو نظرت في المصحف في هذه الآية ستجد كلمة ﴿هذن﴾ مكتوبة بدون ألف وبين الذال والنون لم يكتب شيء، هذه إضافة للألف الخنجرية. هناك قراءة جمهورمن العرب كانوا يقرأون بها(إنّ هذين لساحرين)، هذه لا مشكلة فيها ولا يُسأل عنها. القراءة الأخرى: ﴿إن هذان لساحران﴾ وهذه لا سؤال فيها أيضاً لأن ﴿إنّ﴾ إذا خففت زال عملها ولزم خبرها اللام، تقول: إنّ زيداً مجتهدٌ فإذا خففتها وقلت: إنْ زيدٌ لمجتهدٌ تأتي باللام فارقة بينها وبين النافية وعليها قراءتنا الآن. ﴿إن﴾ تُعرب مخففة من الثقيلة مهملة و هذان مبتدأ واللام فارقة وساحران خبر.الإشكال في قراءة نافع (إنّ هذين) . إختلاف القراءات لا يؤدي إلى إختلاف المعنى حتى إذا كانت اللفظة فيها خلاف معنوي المحصلة النهائية تكون واحدة. (إنّ هذين) فيه تأكيد، هنا نسبة السحر لموسى وهارون، أو ﴿إن هذان لساحران﴾ التوكيد قلّ قليلاً أو ﴿إنّ هذان لساحران﴾ بالمعاني التي سنذكرها وهي كلها فيها نسبة السحر إلى هذين، يبقى شيء من التأكيد، قلة تأكيد، إلخ. هذه لما نقول القراءات في محصلتها النهائية لا تختلف.

ﵟ قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﵞ سورة طه - 63


Icon