الوقفات التدبرية

آية (22) : *ما الفرق بين استخدام الأجداث و القبور في القرآن الكريم...

آية (22) : *ما الفرق بين استخدام الأجداث و القبور في القرآن الكريم ؟(د.فاضل السامرائى) الاستعمال في القرآن إستعمال دقيق وغريب. الجَدَث الذي هو القبر هو مفرد أجداث، الجدث هو قريب من لفظ (الجَدَثة) هو صوت الحافر والخُفّ، حافر الفرس والخف صوت قدم البعير وغيره على الأرض وصوت مضغ اللحم أيضاً. ليست بينهما إلا التاء (جدث وجدثة) الجدثة صوت الحافر أو الخف أو مضغ اللحم. ربنا سبحانه وتعالى لم يستعمل الأجداث إلا عندما يخرجون من القبر سراعاً (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7) مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر) (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) المعارج) (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) يس) ينسلون يعني يسرعون، نسل يعني أسرع. لم يستعمل لفظ الأجداث إلا في خروجهم مسرعين وهذا يشبه صوت الخُف وصوت الحافر عند العدو عند الركض، لما يخرجون مثل صوت الفرس لما تركض أو صوت الخف. لم يستعمل لفظ الأجداث إلا في هذه الحالة. وهنالك أمر آخر الجَدَثة هو مضغ اللحم يخرجون وقد مضغتهم الأرض حقيقة. يخرجون مسرعين وقد مضغتهم الأرض لم يبق منهم شيء. لم يستعمل القبر في هذا مطلقاً وإنما يستعملها في حال السكون والهمود في كل القرآن (كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) الممتحنة) (وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22) فاطر) (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) الإنفطار) كما تقول بعثرت الصناديق، بعثرت الحاجات، لم يذكر الخروج منها، (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) العاديات) صندوق تبعثر والحاجات خرجت، أما الأجداث فهي الخروج من الأجداث سراعاً. فاستعمل القبور في حالة الهمود والسكون والأجداث في حالة الإخراج والعدو والسرعة. مناسبة عجيبة بين حركة ودلالة الكلمة والمسرح اللغوي الذي تعبر عنه ، اختيار عجيب.

ﵟ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﵞ سورة فاطر - 22


Icon