الوقفات التدبرية

*ما الفرق بين قوله تعالى (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ...

*ما الفرق بين قوله تعالى (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) الشورى) و (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) لقمان)؟ د.أحمد الكبيسى : الفرق بين ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ هذه اللام تنقل صورة ثانية ليس لها علاقة بالأولى. واحد عنده سيارة جاءت عليها صاعقة وأهلكتها، واحد عنده ابن ومات، واحد عنده تجارة وخسر هذا إذا صبر هذا ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ عزم الأمور هذا صفة العظماء (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴿35﴾ الأحقاف) وليس كل إنسانٌ له عزم حتى سيدنا آدم أبونا يقول (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴿115﴾ طه). لكن إذا كنت قد صبرت على المصيبة (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿155﴾ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿156﴾ البقرة) ولهذا الصبر من أعظم العبادات ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ لكن صابر قضاء وقدر على مصيبة قضاء وقدر لم يجني عليه أحد فالأول اضطراري والثاني اختياري، الأول كسيدنا يوسف في الجُب والثانية كيوسف في السجن. إذاً إذا كانت مصيبتك قضاء وقدر ولم يجنِ عليك أحد هذه ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ لكن القمة لما يكون واحد اعتدى عليك وأنت قادر على أن تأخذ حقك منه، أنت ملك، أنت أمير، أنت وجيه، أنت ذو شوكة وشخص أهانك هذا الحلم (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ﴿75﴾ هود) يا الله رب العالمين يصفه بالحلم حينئذٍ هذه ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. يقول رب العالمين (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) ليس أي واحد يعني بالتاريخ معدودين فلان وفلان معن ابن أبي زائدة واثنين ثلاثة أربعة هؤلاء لا يغضبون ولا ينتقمون أبداً على قدرتهم ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ فكل من يصبر على مصيبة أو أذى أو ضرر قضاء وقدر ما حد اعتدى عليه قضاء صاعقة جاءت حرب قتلت ابنه هذا ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ لكن لا هذا فلان هذا غريمي فلان هذا غريمي هو الذي ضربني قتلني أكل مالي اشتكى علي آذاني قتل أبنائي الخ وصبرت قلت له إذهب لوجه الله، سامحتك، الله قال (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴿134﴾ آل عمران) (من كظم غيظه لأجلي كان حقاً عليّ أن ادخله من أي أبواب الجنة شاء أن أملأ جوفه رضى يوم القيامة) كم واحد؟ يمكن في كل مدينة واحد. أحياناً في المدينة الواحدة في كل جيل واحد كل مائة سنة يطاع واحد صابر وحليم ومهما أذيته يبتسم ويقول لك سامحك الله سامحني أنا غلطان وهذا الشيء يتطلب رجال ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ هذا الفرق بين ﴿لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ وبين ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

ﵟ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﵞ سورة الشورى - 43


Icon