الوقفات التدبرية

آية (37): * لماذا لم يقل سبحانه لله الحمد فى سورة الفاتحة مثلما قال فى...

آية (37): * لماذا لم يقل سبحانه لله الحمد فى سورة الفاتحة مثلما قال فى الجاثية ﴿فلله الحمد﴾؟ (د.فاضل السامرائى) الحمد الله تقال اذا كان هناك كلام يراد تخصيصه (مثال لفلان الكتاب) تقال للتخصيص والحصر فاذا قدم الجار والمجرور على اسم العلم يكون بقصد الاختصاص والحصر (لازالة الشك ان الحمد سيكون لغير الله). الحمد لله في الدنيا ليست مختصة لله سبحانه وتعالى الحمد في الدنيا قد تقال لاستاذ او سلطان عادل اما العبادة فهي قاصرة على الله سبحانه وتعالى المقام في الفاتحة ليس مقام اختصاص اصلا وليست مثل اياك نعبد او اياك نستعين. فقد وردت في القران الكريم (فلله الحمد رب السموات ورب الارض رب العالمين) الجاثية (لآية 36). لا احد يمنع التقديم لكن التقديم والتأخير في القران الكريم يكون حسب ما يقتضيه السياق. المقام في سورة الفاتحة هو مقام مؤمنين يقرون بالعبادة ويطلبون الاستعانة والهداية أما في سورة الجاثية فالمقام في الكافرين وعقائدهم وقد نسبوا الحياة والموت لغير الله سبحانه لذا اقتضى ذكر تفضله سبحانه بانه خلق السموات والارض واثبت لهم ان الحمد الاول لله سبحانه على كل ما خلق لنا فهو المحمود الاول لذا جاءت فلله الحمد مقدمة حسب ما اقتضاه السياق العام للآيات في السورة. فلماذا التفضيل في الجاثية (رب السموات والارض) ولم ترد في الفاتحة؟ في الجاثية تردد ذكر السموات والارض وما فيهن وذكر ربوبية الله تعالى لهما فقد جاء في اول السورة (ان في السموات والارض لآيات للمؤمنين) فلو نظرنا في جو سورة الجاثية نلاحظ ربوبية الله تعالى للسموات والارض والخلق والعالمين مستمرة في السورة كلها. (ولله ملك السوات والارض) يعني هو ربهما ( ويوم تقوم الساعة يخسر المبطلون) اذن هو رب العالمين ( وخلق الله السموات والارض بالحق) فهو ربهما ﴿ لتجزى كل نفس(15)﴾ فهو رب العالمين. (فلله الحمد رب السموات ورب الارض رب العالمين) جمع الربوبية في السموات والارض والعالمين في آية واحدة أما في الكلام في الفاتحة فهو عن العالمين فقط وذكر اصناف الخلق من العالمين (المؤمنين، الضالين..) لذا ناسب التخصيص في الجاثية وليس في الفاتحة. (وله الكبرياء في السموات والارض وهو العزيز الحكيم)(الجاثية الآية 37) ولم يذكر الكبرياء في الفاتحة لانه جاء في الجاثية ذكر المستكبرين بغير حق (ويل لكل افاك اثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعهافبشره بعذاب أليم.واذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين) (الجاثية الأيات 7-9) دل على مظهر من مظاهر الاستكبار لذا ناسب ان يرد ذكر الكبرياء في السموات والارض. فسبحانه تعالى يضع الكلام بميزان دقيق بما يتناسب مع السياق العام للآيات. * قال تعالى ﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا﴾ قال ﴿اتخذها﴾ الجاثية مع أنه قال شيئاً فلماذا لم يقل اتخذه؟(د.فاضل السامرائى) اتخذ الآيات لأن الشيء من الآيات، شيء من الآيات آيات مثل (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا (160) الأنعام) قال ﴿عشر﴾ والعدد من 3 إلى عشرة يخالف المعدود في التذكير والتأنيث، الأمثال مفرده مِثِل والمثل مذكر وهو قال عشر والمفروض قياساً أن يقال عشرة لكن لما قال ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ﴾ المِثل يصير حسنة فلما أفرد الحسنة أفرد المِثل لأن المثل حسنة، عشر أمثالها غير عشر حسنات؟ عشر أمثالها يعني عشر حسنات فإذن هو رجع إلى المعنى أن الأمثال هنا معنى الحسنات وليس معنى العدد في حد ذاته وإنما رجع إلى معنى المثل، ما المقصود بالمثل هنا؟ حسنة فغاير على المعنى وهذا في لغة العرب.

ﵟ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﵞ سورة الجاثية - 37


Icon