الوقفات التدبرية

* لماذا لا يُذكر سيدنا اسماعيل مع ابراهيم واسحق ويعقوب في القرآن؟...

* لماذا لا يُذكر سيدنا اسماعيل مع ابراهيم واسحق ويعقوب في القرآن؟ (د.فاضل السامرائى) أولاً هذا السؤال ليس دقيقاً لأنه توجد في القرآن مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل ولم يُذكر اسحق وهناك 6 مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل واسحق وهي (133) (136) (140) البقرة (84) آل عمران (39) ابراهيم (163) النساء وكل موطن ذُكر فيه اسحق ذُكر فيه اسماعيل بعده بقليل أو معه مثل قوله تعالى (49) و (54)) مريم إلا في موطن واحد في سورة العنكبوت (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)). وفي قصة يوسف  لا يصح أن يُذكر فيها اسماعيل لأن يوسف من ذرية اسحق وليس من ذرية اسماعيل (6) (38)) . وقد ذُكراسماعيل مرتين في القرآن بدون اسحق في البقرة(125)(127)لأن اسحق ليس له علاقة بهذه القصة وهي رفع القواعد من البيت. * (وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) العنكبوت) وفي النحل قال (وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً (122)) ما اللمسة البيانية في الآيتين؟ أليست الحسنة أجراً؟ (د.فاضل السامرائى) أولاً نقرأ ثم ننظر في الآيتين. في العنكبوت في سياقها قال (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ (17)) أولاً الرزق هو مناسب للأجر. * ما هو معنى الأجر؟ الجزاء على العمل. فإذن من هذه الناحية مناسب لما ذكر الرزق ناسب الأجر، تلك ليس فيها هذا الأمر. ننظر في الآيتين كيف جاءت حسنة وأجره في الدنيا، الكلام على سيدنا إبراهيم في المكانين. في النحل قال (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)) هذا كل ما جاء حول قصة إبراهيم في النحل. في العنكبوت كلام طويل عن سيدنا إبراهيم كان له موقف إبتداء من إرساله (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)) يستمر إلى أن قال (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)) ثم يقول بعد ذلك (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)) أكثر من عشر آيات يتكلم عن موقف إبراهيم مع قومه إلى أن قال (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)). هذا حتى نعرف السياق. نلاحظ في النحل لم يذكر له عمل والأجر هو الجزاء على العمل. في النحل قال (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)) ليس فيها عمل. بينما في العنكبوت عمل ابتداء في الدعوة إلى أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه، هذا عمل والأجر هو جزاء على العمل. التبليغ إلى أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه أما في النحل لم يذكر له عملاً قال شاكراً له فقال ﴿حسنة﴾، ﴿شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ﴾ . * ولهذا قال حسنة. هو حسنة على شكره أما الأجر على العمل الذي بلّغه وكاد يُقتل أو يُحرّق عليه. طبعاً. هذا عمل متصل. ثم نلاحظ أن الجزاء اختلف. في النحل هو لم يفعل شيئاً وإنما ربنا اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم فشكر. بينما في العنكبوت فهذا كله عمل فعله لذلك كان الجزاء أكثر (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)) لأن الجزاء على قدر التضحية ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ هذه كلها جزاء (وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)). هناك لم يذكر عمل أصلاً إنما قال اجتباه وهداه فقال ﴿شاكراً لأنعمه﴾. ذاك حسنة أما هذا فأجر وجزاء أكثر، لا يمكن أن نضع واحدة مكان أخرى، لا يصح. * التقديم والتأخير ﴿في الدنيا﴾ على الأجر والحسنة، هل لهذا دلالة أيضاً في فهم الأجر والحسنة إذا أُعطيها سيدنا إبراهيم؟ ﴿وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ ﴿وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ إذا اعتبرنا أن الحسنة نوع من أنواع الأجر لكن نلاحظ أن الدنيا مقدمة مرة ومؤخرة مرة. مقدّمة، ﴿شاكراً لأنعمه﴾ هذا في الدنيا شاكر لأنعمه التي وقعت، كيف تشكر النعمة؟ في الدنيا. تلك ليس فيها هذا.

ﵟ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﵞ سورة العنكبوت - 27


Icon