الوقفات التدبرية

*(وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا (33) العنكبوت) ما دلالة حرف أن...

*(وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا (33) العنكبوت) ما دلالة حرف أن في الآية؟ (د.فاضل السامرائى) عند النحاة يسمونها زائدة هذا من حيث الإعراب مثل الباء الزائدة والـ ﴿ما﴾ الزائدة. أما اللمسة البيانية بالنسبة ليوسف كان أبوه يستطيل المسألة يعني صارت المسألة طويلة عليه حزن يعقوب طويل فبعد مدة طويلة قال (فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ (96) يوسف) بعد هذه المدة ففصل بين لمّا والبشير إشارة إلى طول المدة. وفي قصة لوط ضاق بقومه ذرعاً ﴿ولما أن جاءت﴾ أيضاً استطال المسألة ولما قال ﴿أليس الصبح بقريب﴾ كأنه اعترض أإلى الصبح؟ وكأنه استطال الوقت وهذه أيضاً ﴿ولما أن جاءت رسلنا لوطاً﴾ وكأنه استطال الوقت وبعد أن جاءت رسلنا الآن أيضاً فصل بينهما. *ما دلالة كلمة ذرع في قوله تعالى (ولمّا أن جاءت رسلنا سيء بهم وضاق بهم ذرعا) في سورتي هود والعنكبوت؟ (د.فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة هود (وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ {77}) وقال في سورة العنكبوت (وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ {33}). الذرع في اللغة هو الوسع والطاقة والخلق أي الإمكانية من حيث المعنى العام. وضاق بهم ذرعاً بمعنى لا طاقة له بهم. وأصل التعبير ضاق ذرعاً أي مدّ ذراعه ليصل إلى شيء فلم يستطع إذن ضاق ذرعاً بمعنى لم يتمكن. *جاء في سورة هود قوله تعالى (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77)) بدون ﴿أن﴾ بينما وردت في سورة العنكبوت (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33)) مع ذكر ﴿أن﴾ لماذا؟ (د.فاضل السامرائى) هذا لأكثر من سبب أولاً لأن القصة في العنكبوت جاءت مفصلة وذكر تعالى من صفات قوم لوط السيئة (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ما لم يذكره في سورة هود ﴿وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ ثم ذكر تعالى أن ضيق لوط بقومه في العنكبوت أكثر وكان ترقّبه للخلاص أكثر وكان برِماً بقومه ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾. ثم ان قوم لوط تعجلوا العذاب في سورة العنكبوت فقالوا (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)) ثم دعا لوط ربه أن ينصره عليهم (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)) إذن برِم لوط وضيقه بقومه كان أكثر فكأنه استبطأ مجيء العذاب على هؤلاء وهو نفسياً كأنما وجد أن مجيئهم كان طويلاً وتمنى لو أن العذاب جاء عليهم قبل هذا. فهي من حيث التفصيل أنسب ومن حيث عمل السيئات إذا كانت للتوكيد أنسب وإن كانت من ناحية برم لوط فهي أنسب. أن للإطالة ويقولون للتوكيد لكن التوكيد له مواطن عندهم والقياس أن تُزاد ﴿أن﴾ بعد ﴿لمّا﴾ إن شئت أن تأتي بها فلا حرج ويقولون إنها زائدة والزيادة للتوكيد في الغالب مع أنها ليست بالضرورة للتوكيد فالزيادة لها أغراض فقد تكون تزينية أو زيادة لازمة أو تكون لأمور أخرى منها التنصيص على معنى معين وهي كلها أمور نحوية.

ﵟ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ ۖ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﵞ سورة العنكبوت - 33


Icon