الوقفات التدبرية

*ماالفرق بين أنزل ونزل كما قال تعالى (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ...

*ماالفرق بين أنزل ونزل كما قال تعالى (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴿65﴾ النحل) و (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا ﴿63﴾ العنكبوت)) الآية الأولى أنزل وبدون من والآية الثانية في العنكبوت ﴿مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا﴾ وهذا في الحقيقة وارد في عدة أماكن في كتاب الله بين الإنزال والتنزيل. رب العالمين يقول لبني إسرائيل (وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴿57﴾ البقرة) هذا في البقرة، في طه قال (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴿80﴾ طه) ولا يمكن أن يكون هذا عبثاً، في الفرقان يقول (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴿48﴾ الفرقان) في ق (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا ﴿9﴾ ق) وعن الملائكة (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ ﴿111﴾ الأنعام) نزلنا آية أخرى (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا ﴿8﴾ الأنعام) وهكذا إذاً سنبحث في هاتين الآيتين في تنزيل الماء. مقدماً نقول الفرق بين أنزل ونزّل عدة علماء تكلموا فيها وربما يكون كل ما تكلموا فيه صحيحاً. نضيف إلى هذا رأياً آخر لا يتعارض مع الآراء الأخرى وهو أنزل مرة واحدة يعني دفعة واحدة أنزلت الشيء، نزّلته باستمرار يعني أنزل الله الماء دفقة مطر مطرت يوم يومين ثلاث أيام هذا أنزله، تأمل لو أن المطر بقى عشرين عاماً ينزل فرضنا هذا يعني الآن في بعض الدول الغربية على مدار السنة هذا نزّل وهكذا. أنزل القرآن ليلة القدر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (أنزل الله القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر) الله تعالى قال (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿1﴾القدر) (ثم نزِّل) انظر إلى دقة المصطفى صلى الله عليه وسلم (ثم نزِّل بعد ذلك في عشرين سنة) لم يقل أنزل لما أنزل مرة واحدة دفعة واحدة قال أنزل ولما باستمرار على مدى 23 سنة باستمرار قال نزِّل هكذا وهذا رأي آخر يضاف إلى آراء أخرى أحببت أن أختار منها هذا لأنه يخدم قضيتنا اليوم في هاتين الآيتين. إذاً رب العالمين عز وجل يتكلم بالآية الأولى عن الأمطار التي تنبت الزرع الموت الموسمي الأرض الآن تموت بالصيف والشتاء وبالربيع تحيا وكل سنة مكان عشب ثم يموت العشب ثم تموت الأرض ثم في العام القادم وهكذا هذه كلمة أنزل يأتي مرة واحدة مرة واحدة في السنة في فصل الربيع مثلاً وهكذا كل كلمة أنزل يعني تأتي إما دفعة واحدة أو مرة واحدة على الوجه المعتاد مثل أغلق وغلّقت، أغلق الإغلاق المعتاد وغلقت اتخذت كل الوسائل والأسباب. وحينئذٍ كلمة أنزل معروف أن الأرض يأتي المطر ثم تخضر ثم ينتهي الموسم تعود ميتة مرة ثانية وانتهى الأمر وحينئذٍ الآية الأخرى ﴿نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا﴾ هذا يتكلم عن إحياء مطلق لموتٍ كان مطلقاً أيضاً. في هذه الآية على كثرة ما تناولها المفسرون بالتأويل وربما لم يفرقوا والغالبية العظمى لم يفرقوا بين هذه وهذه، يعني عنده ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ مثل ﴿نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ وما انتبه إلى هذا وقلنا هذا ليس عيباً فيهم لكن هذا مسألة عصر. والقليل الذي قال هناك فرق قال نزّل للتشديد والتكثير. هناك ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ هذا موت موسمي، هنا ﴿نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا﴾ من بعد موتها أي من بداية الأرض كانت ميتة بلا فلسفة ولا حضارة ولا أنبياء ولا أديان ولا ولا الخ، فرب العالمين نزل ماءً مستمراً متدفقاً إلى يوم القيامة وليس هذا فقط أخبرنا النبي  أن هذا الماء ينبت وينبع من الجنة. تأمل أن في هذه الأرض نهران أساسهما ومنبعهما من الجنة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم والعجيب الذي وجدته أن نفس هذا الحديث موجود في الإنجيل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم والحديث جاء في الصحيح صحيح مسلم والبخاري وهذا طبعاً متفق عليه والمتفق عليه قضية لا يناقش فيها، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفرات والنيل هما من أنهار الجنة وقد جاء في كتاب بدء الخلق في صحيح البخاري ومسلم في باب ذكر الملائكة (رُفِعت إلى سدرة المنتهى منتهاها في السماء السابعة نبْقُها مثل قلال هَجَر وورقها مثل آذان الفيلة فإذا نهران ظاهران ونهران باطنان فأما الظاهران فالنيل والفرات) وأحاديث كلها بهذا كما ذكرها مسلم وغيره. إذاً هذا الذي جرى كلمة نزّل الاستمرار إنزال النيل والفرات بل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو أن أحدكم وضع إصبعيه في أذنيه لسمع هدير هذين النهرين.

ﵟ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﵞ سورة العنكبوت - 63


Icon