الوقفات التدبرية

ما دلالة الاختلاف في نهايات الآيات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ...

ما دلالة الاختلاف في نهايات الآيات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ،(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) ، وفي الآية (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) البقرة)؟ نأخذ كل آية في سياقها (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) لما ذكر الأذى ناسب ذكر الحلم لأن الحليم لا يعجل بالعقوبة ولا يغضب سريعاً إذا أُوذي فلما ذكر الأذى ناسب ذكر الحِلم. الآية الأخرى ليس فيها ذكر أذى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) هذه ليس فيها أذى وإنما إنفاق ما هو خِلاف الأَوْلى، أنت أنفقت من الخبيث والله غني عن هذا. الله تعالى قال ﴿وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ﴾ والناس يجب أن تنفق الطيب وليس الخبيث الرديء، أنت تنفق الخبيث في سبيل الله والله غني عن هذا. الآية الأولى فيها أذى فناسب ذكر الحليم وهذه فيها خلاف الأَوْلَى في الإنفاق فالله غني وحميد فذكر فيها ﴿حميد﴾ لأنه يجب أن تفعل حتى تُحمد على ما تُنفق. (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) واسع بالرحمة والفضل، هو واسع المغفرة والفضل عليم بما تنفقون فيجازيكم على ما تنفقون فهو واسع العطاء واسع الخير واسع الرحمة وعليم بما تفعل فيجازيك فلماذا تخشى الفقر؟ الشيطان يعدكم الفقر والله تعالى واسع العطاء وواسع المغفرة وواسع الرحمة فلماذا تخشى الفقر، فواصل الآية نفهمها من السياق.

ﵟ ۞ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﵞ سورة البقرة - 263


Icon