الوقفات التدبرية

هذه الآيات مرتبطة بقوله تعالى (إن علينا للهدى* وإن لنا للآخرة...

هذه الآيات مرتبطة بقوله تعالى ﴿إن علينا للهدى(12) وإن لنا للآخرة والأولى(13)﴾ لأن هذا من الهدى. أنذرنا هو من الهدى الذي ينبه الله تعالى منه ﴿إن علينا للهدى﴾ وهذا في الآخرة فهي مرتبطة بـ (وإنا لنا للآخرة). وفي سورة الليل ذكر الله تعالى الإنذار ولم يذكر التبشير ولذلك اقتصر على ذكر النار ولم يذكر الجنة لأن ذكرها تبشير وليس هنا مقام التبشير. كما ذكر للأشقى صفتين: التكذيب والتولي، ﴿الذي كذب وتولى﴾ كذب: بمعنى كذب بكل مفردات الإيمان، وتولى بمعنى أدبر عن الطاعات واشتغل بالمعاصي. فجاءت كذب مقابل ﴿وصدق بالحسنى﴾ وتولى وقابل ﴿أعطى واتقى﴾ لأن عدم العطاء من التولي. وهذه الآية (لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى) توكيج للآية السابقة (وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى) وهي أعم منها ايضاً لأن التولي أعم من البخل والاستغناء فالتولي لا يقتصر على البخل والاستغناء انما هو تولي عن كل الطاعات وادبار عنها عموماً. وكذّب أعم من (كذّب بالحسنى) لأنه كذّب بالحسنى وبغير الحسنى. إذن لما عمّ السوء وانتشر أصبحت العاقبة أشد من الأولى و لما كان هذا أعم كانت العاقبة أسوأ لأن الأول بخل واستغنى وكذب بالحسنى وهذا كذب عموما وتولي عام لذا كان يجب أن تكون العقوبة أسوأ، أولاً وصفه بالأشقى وذكر أن له ناراً تلظى أما في الآيات السابقة اكتفى بـ ﴿فسنيسره للعسرى﴾ وهذه العاقبة أخف.

ﵟ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ ﵞ سورة الليل - 14


Icon