الوقفات التدبرية

(وجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {12}) في الآية السابقة...

(وجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {12}) في الآية السابقة قال تعالى ﴿ولقّاهم﴾ وفي هذه الآية قال ﴿وجزاهم﴾ لأن اللقاء يكون قبل الجزاء أي قبل أن يدخلوا الجنة وبعد اللقاء أدخلهم الجنة فصار الجزاء. (اللقاء أولاً ثم يأتي الجزاء بعده) جزاهم الله تعالى بعد اللقاء جنة وحريرا وقال تعالى ﴿بما صبروا﴾ و﴿ما﴾ هنا تحتمل معنيين : إما أن تكون ما مصدرية بمعنى جزاهم بصبرهم وتحتمل أن تكون إسم موصول والعائد كحذوف بمعنى جزاهم بالذي صبروا عليه، من الطاعات والإيثار، وحذف العائد ليشمل المعنيين ولو ذكر العائد لتخصص بمعنى واحد وهذا من باب التوسع في المعنى، إذن جزاهم للصبر ولما صبروا عليه. وجمع أمرين وهما الجنة والحرير والجنّة كما في اللغة هي البستان وفي الآخرة هي إسم لدار السعادة وفيها جنتان كما قلنا في لقاء سابق عن قوله تعالى في سورة الرحمن ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان﴾ (راجع لمسات بيانية في آي القرآن الكريم) وقلنا أنه قد يكون للمتقي أكثؤ من جنّة ولهذا يجمع القرآن جنة على جنات كما ورد في الآيات ﴿جنات عدن﴾ و﴿جنات الفردوس﴾ وهذه الجنات كلها في الجنة. وجزاهم جنة والجنة للأكل وجزاهم الحرير وهو للبس وهم أطعموا الطعام فقط لوجه الله فجزاهم الله تعالى أكثر مما فعلوا مصداقاً لقوله تعالى ﴿من جاء بالحسنة فله خير منها﴾ وفي هذه الآية زاد الحرير على الجنة وهذا يدل على كرم الله تعالى.

ﵟ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﵞ سورة الإنسان - 12


Icon