الوقفات التدبرية

(مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا...

(مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً {13}) قد يسأل البعض عن تكرار فيها في الآية ﴿متكئين فيها﴾ ثم ﴿لا يرون فيها﴾ ألا يكفي أن تُذكر مرة واحدة؟ فنقول لو حذف ﴿لا﴾ الثانية ولو قال مثل ما ذهب الظنّ إليه باستخدام ﴿لا﴾ مرة واحدة لوقع لبس ولكا أوهم أنه فقط عند الإتكاء لا يرون شمساً ولا زمهريرا وأنهم لو غادروا المكان لرأوا الشمس والزمهرير ولكن هذا المعنى غير مطلوب لأن المقصود بالآية أنه سواء عند الإتكاء أو عندما يغادروا المكان لا يرون شمساً لولا زمهريرا في كلتا الحالتين. فالتكرار إذن أفاد معنى آخر ولذا اقتضى تكرار ﴿فيها﴾. والشمس هي دليل النور والزمهرير في اللغة هو البرد الشديد وقد قيل في لغة العرب أيضاً أنه هو القمر فإذا أخذنا في الإعتبار المعنى الأول للزمهرير تكون الآية بمعنى لا يرون فيها لا شمس ولا قمر وإذا أخذنا المعنى الآخر للزمهرير وهو البرد الشديد تكون الآية بمعنى لا يرون فيها دفءً ولا برداً والدفء يأتي من الشمس والزمهرير من البرد فنفى البرد والحرّ ونفى القمر في آن واحد، ولهذا اختار كلمة الزمهرير لأنها تجمع بين هذين المعنيين. ولو استعمل القمر بدل الزمهرير لأفاد معنى واحداً فقط.

ﵟ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﵞ سورة الإنسان - 13


Icon